في أحد الأحاديث المنسوبة للحسن البصري -رحمه الله- والتي ورد ذكرها في كتب التفسير مثل "تفسير الطبري" و"السنن"، يتم تناول مسألة معينة تتعلق بحالة الزنى لدى المرأة الغير متزوجة. وفقاً لهذه الروايات، إذا ارتكب امرأة غير متزوجة فعل الفاحشة (زنى) قبل دخوله بها زوجها، يتم تطبيق العقوبات التالية حسب الشريعة الإسلامية: الجلد مئة جلدة، والنفي لمدة سنة واحدة، وإعادة أي مهر قد حصل عليه الزوج منها.
ومن المهم التأكيد على أن مصطلح "البكر" المستخدم في الحديث يشير تحديدًا إلى تلك الأنثى التي تم عقد نكاحها رسميًا ولكن لم يتم إتمام الدخول بهذه العلاقة حتى الآن. وهذا يفسر سبب وجود اتفاقات مختلفة بين علماء الدين بشأن التطبيق العملي لهذا الحكم، حيث يؤكد البعض أنه ينطبق فقط على حالات محددة كما هو موضح سابقاً. بينما يرى آخرون أنها تنطبق أيضًا عندما ترتكب المرأة المعاشرة خارج إطار الزواج الرسمي بغض النظر عمّا إذا كانت مخطوبة أم لا.
وقد وثقت العديد من الكتب الشهيرة لأئمة المسلمين هذه القضية المختلفة لفهمها بشكل أدق بما فيها كتاب "الأوسط" للمحدث الإمام عبد الرحمن بن مهدي وابنه المنذر. لذلك يجب الرجوع إلى أهل العلم لتوضيح الأحكام المتعلقة بهذا الموضوع بدقة أكبر. وبالنظر العامة للأمر، فقد كان رأي الإمام الحسن والبكر أساسه اعتبار زنى المرأة قبل استكمال مراسم الزواج شكلاً من اشكال خيانة لعهد الاستمتاع المشروع الذي قطعته معه. وبالتالي فهو يستوجب وقوع الانفصال عنها واسترجاع أي شيء قدمه لها أثناء فترة الخطبة الأولى والتي تعتبر ضمن حقوق الزوج القانونية شرعا. وهكذا تكون الفكرة الرئيسية للتطبيق الثلاثي للعقوبة: الجلد، الترحيل المؤقت وسلب الحقوق المالية وذلك كتذكير وغرامة لتحقيق العدالة الاجتماعية وصيانة المجتمع المسلم الكريم.
وفي النهاية، رغم اختلاف آراء الفقهاء عبر التاريخ الإسلامي المبسط لحال الظروف والقرائن المقترنة بكل قضية خاصة وحسب طبيعة كل مجتمع وقتذاك ومعاييره الأخلاقية والثقافية المحلية آنذلك أيضا ؛ تبقى تعاليم ديننا السمحاء واضحة وموجهة نحو هدف واحد وهو تحقيق التقوى والحفاظ على تماسك الاسرة والمجتمع سعياً لإرضاء رب العالمين دائماً.
