مواقع التواصل ومتلازمة المتابعة وهدر الأوقات..
لا يخفى على ذي لب ما في مواقع التواصل وبرامجه من الخير والشر،وكثير من الناس لا سيما ذوي المعرفة والتجربة؛ ينبسطون حينا وينقبضون عنها أحيانا،فيعاني المرء من انشغاله بها وشدة سطوتها على زمانه،ويُسر أخرى إذا رأى فيها نفعا قدمه أو ناله.
فهل الانبساط لها والاستسلام لسطوتها وجعلها الشغل الشاغل خير، أم قطعها البتة والانصراف لغيرها من أبواب الخير أنجع؟
للجواب على هذا السؤال أقول:
معرفة الشخص بواجب وقته وتحديده الواضح لأهدافه ومساراته في التلقي والأداء؛ هو المقياس الذي يقيس به المرء الأمور قبل الولوج فيها.
فجوابك عن السؤال الماضي هو الذي يحدد لك ماذا تقرأ وماذا تكتب، وماذا تشاهد وبماذا تشارك، وأي المؤتمرات تحضر متلقيا وأيها محاضرا، إلى غير ذلك من الأمور الحياتية التي لا تتمحض في خيار كله خير أو شر.
والعبرة في كل ذلك هو معرفة الشخص بنفسه ورسالته، وتملكه لزمام أمره.
فالاجتماعات والندوات والجلسات والسمر مع الأحبة والخروج للمتنزهات؛ كلها صوارف ومعارف، وتتزاحم فيها المنفعة والمضرة كما الأمر في برامج التواصل.
فيكون أساس اختيار الشخص للإقدام أو الإحجام؛ منوط بهدفه ورسالته ومساره ووقته، وقوة ثباته.
وكثير ممن بلغ في المعرفة قدرا واعتكف على المكتبات دهرا؛ انكسر لسطوة الانفتاح والملل الذي يُصنع في العالم صناعة، فصارت المعرفة حبيسة في أوراقه، وحلت مكانها المواد الهائلة المنتشرة في التواصل، فيتقلب بينها بلا زمام ولا خطام، فصار كالجاهل سواء بسواء.