- صاحب المنشور: أصيلة بوهلال
ملخص النقاش:
تشهد منطقة الشرق الأوسط تحولاً ملحوظًا نحو الطاقة المتجددة كاستجابة للتحديات البيئية والاقتصادية الكبرى. برغم الإمكانات الواعدة التي تتمتع بها الدول العربية في مجال توليد الكهرباء باستخدام طاقة الشمس وطاقة الرياح وغيرها من المصادر المتجددة، تواجه هذه الجهود مجموعة من العوائق الفنية والاجتماعية والمالية.
في البداية، يتطلب الانتقال إلى الطاقة المتجددة استثمارات كبيرة ومستدامة في بنى تحتية جديدة مثل محطات الطاقة الكهروضوئية وأنظمة تخزين الطاقة. هذا التحول قد يؤدي أيضاً إلى إعادة تقييم لشبكات نقل وتوزيع الطاقة الحالية التي تم تصميمها أصلاً لتتناسب مع محطات الطاقة التقليدية ذات الدورة المركبة. بالإضافة إلى ذلك، فإن تقلب إنتاج الطاقة المتجددة نتيجة للعوامل الطبيعية مثل حركة الرياح أو ضوء الشمس، يفرض تحدياً على موثوقية الشبكة الكهربائية. يمكن لهذه القضايا التكنولوجية أن تعيق نشر واسع النطاق للطاقة المتجددة في المنطقة.
على الصعيد الاجتماعي والثقافي، غالباً ما يقابَلَ اعتماد الطاقة المتجددة بمقاومة بسبب الضعف التاريخي للمجتمعات المحلية والفئات الاجتماعية المختلفة تجاه التغيرات المرتبطة بتطور الصناعات الجديدة. وقد ينجم عن ذلك انخفاض فرص العمل في القطاعات النفطية التقليدية، مما يخلق اضطرابا اجتماعيا واقتصاديا مؤقتا حتى يتم بناء حوافز اقتصادية جديدة حول قطاع جديد تماما وهو الطاقة المتجددة. كما يُحتمل أن يحدث سوء فهم عام بشأن فوائد الطاقة المستدامة مقارنة بالمصادر الأحفورية، حيث ترتكز ثقافة الاستهلاك الطاقوي لدى الكثيرين حالياً على الوقود الأحفوري الذي كان العنصر الأساسي للاقتصاد العربي لعقود طويلة.
وفيما يخص الجانب الاقتصادي، فالاعتماد الحالي للدول الخليجية على عائداتها النفطية يعني وجود هيكل ضريبي وجمركي غير مُعدٍ لاستيعاب نمو كبير في الطاقة المتجددة كقطاع تجاري تنافسي. زيادة الضرائب الحكومية على المنتجات الثانوية لصناعة الطاقة المتجددة كالخلايا الشمسية والمعادن المستخدمة في توربينات الرياح، تؤثر أيضا على تكلفة التشغيل والصيانة لهذا النوع الجديد من المشاريع. علاوة على ذلك، تبقى مسألة توفر رؤوس الأموال اللازمة لتمويل مشاريع الطاقة المتجددة أمراً مهماً خاصة عند النظر لمقياس المشروع الكبير نسبيا والذي تتطلبه عملية تطوير البنى التحتية الضرورية لإنتاج واستخدام الطاقة المتجددة بكفاءة.
ختاماً، رغم كل تلك العقبات، تبقى هناك فرصة عظيمة أمام دول الشرق الأوسط للاستفادة القصوى من موارد الطاقة الشمسية الهائلة لديها وخفض الاعتماد على واردات الغاز الطبيعي، وذلك عبر تطبيق سياسات تشجع استخدام الطاقة المتجددة والاستثمار فيها. فعلى سبيل المثال، تعد السعودية الآن أكبر مستورد للغاز الطبيعي المسال عالميًا بينما تمتلك واحدة من أعلى معدلات أشعة الشمس العالمية، مما يعكس نقصاً واضحا في الربط بين القدرة والإدراك لأهميتها لحاضر ومستقبل البلاد. ولا تزال الطريق محفوفة بالتحديات ولكن بإظهار مرونة وإصرار سيصبح تحقيق هدف حياد الكربون بحلول العام ٢٠٦٠ أكثر