- صاحب المنشور: العربي الزناتي
ملخص النقاش:
مع تطور العالم الحديث بسرعة فائقة نحو الاعتماد الكامل على التقنيات الرقمية المتطورة، أصبح هناك نقاش متزايد حول مدى التأثير الذي يمكن لهذه الأدوات الجديدة أن تحدثه على عملية التعلم الإنساني الأساسية. يعتبر هذا الموضوع حاسما خاصة مع ظهور الذكاء الاصطناعي والمناهج التعليمية عبر الإنترنت وغيرها الكثير مما قد يبدو وكأنه يحل محل الدور التقليدي للمعلمين والمعلمات ويتجاوزه تماما. ولكن هل هذه رؤية واقعية أم أنها مجرد خداع نظر؟ إن فهم الفوائد المحتملة والتحديات المرتبطة بإدخال التكنولوجيا في بيئة تعليمية تقليدية أمر ضروري لتحقيق توازن صحي يسمح باستمرارية الجوانب الإيجابية للتعليم وجهوده الشخصية بينما يستغل كذلك مزايا العصر الجديد.
من ناحية واحدة، توفر تكنولوجيا اليوم فرصًا هائلة لتعزيز تجربة الطلاب الأكاديمية. فالوصول إلى كمية كبيرة ومتنوعة من المعلومات بنقرة زر واحدة يؤدي إلى زيادة سرعة التعلم وخلق فرصة فريدة لتخصيص المواد حسب مستوى كل طالب واحتياجاته الخاصة. بالإضافة لذلك، تمكين التواصل غير المشروط بين المعلمين والطلاب بفضل البرامج الإلكترونية والإمكانيات التي تقدمها الشبكة العنكبوتية العالمية يتيح الفرصة لإزالة الحدود المكانية والزمانية ولخلق مساحات افتراضية للتفاعلات الاجتماعية والثقافية المفيدة للغاية بالنسبة لكل منهم. كما يتعين علينا أيضا الاعتراف بالدور المحوري الذي تلعب فيه أدوات مثل "إدراك" وأنظمة المساعدة التعليمية الأخرى المساندة والتي تساعد بشدة ذوي الاحتياجات الخاصة أو محدودي الوصول إلى موارد محلية ذات جودة عالية بطرق لم يكن بالإمكان تحقيقها إلا مؤخرا.
وعلى الجانب الآخر، نشهد تحذيرات قوية بشأن مخاطر الانغماس الشديد والتبعية المفرطة لأدوات رقمية غالبًا تكون خارج نطاق سيطرتنا ككيانات بشرية طبيعية قادرة على الشعور بالعزلة وعدم الاستقرار النفسي عند عدم وجود تناغم مناسب بين واقع حياتهم الواقعي وهمومهم الشخصية وما يرونه أمام شاشة الكمبيوتر طوال الوقت. فقد أثبت العديد من الدراسات الحديثة ارتباط استخدام الأجهزة الإلكترونية لفترة طويلة بانخفاض مستويات التحفيز الذاتى وفقدان المهارات الاجتماعية الناجمة أساساً عن القضاء التدريجي لحاجة البشر لوظائف دماغتهم التي تتطلب مجهود عقلي وإبداعي للحفاظ عليها واستدامتها ضمن حدود قدرتها الطبيعية وحدود تفكيرها المنطقى أيضًا! وبالتالي فإن هذه الآثار جانبية سلبيّة تؤثر قطعياعلى إنتاجيتنا العامّة وعلى قدرتنا لاتخاذ قرارات جيدة مبنية على رؤى مدروسة بعناية وليس بناءآفقط علي معلومات قدمت لنا بدون أي مجهود ذهني مطلوب منها بالتأكيد!!
وفي خضم كل تلك المواقف المختلفة نجد أنفسنا ملتزمين بموقف يدعم جهودَ نشر ثقافةٍ وسطُ بينهما؛ تسمح باستخدام الوسائل الرقميه والاستفادة المثلى مما تقدمه لكنها تسعى دوماً لبسط سلطاتها لمنع حدوث آثار جانبيه سيئه ومؤذيه نتيجة للاختيارات الخاطء أثناء العملية التربويه والسلوك البشري عموماً وذلك خلال رحله تطوير شخصيه متكاملة مهيئة للعطاء المستقبلِ ، فلكلا جانبينا نقاط قوة وضعفه الخاص بها ومن ثم يجب النظر إليها كوحدة موحده وليست طرفان متناقضان بشكل كامل بل هما مكملتان مادامت هنالك رغبه صادقه لدى جميع الاطراف المشاركة داخل النظام التعليمي بتحديد دور واضح لكل منهما حتى تصبح الحياة أفضل بالتزامن مع استمرار البحث العلمي والدراسات المكثفة للسيره بهذا الاتجاه الواعد رغم كون الطريق محفوف بالمخاطر ولكنه يقود بلا شك لنظام يعطي افضليه اكبر لقيم التدريس العمليا والشخصيه مقابل زيادة حجم المكتسبات المعرفيه نظراً لان هدفنا النهائي يتمثل بالسعي نحو خلق مجتمع قائم علي المعرفة ولا ينفصل أبداًعن جوهره الإنسانيه الأصيل .