• صاحب المنشور: عثمان البدوي
  
  ملخص النقاش:
  

  في عصر يتسم بتطور تقنيات المعلومات والاتصالات بسرعة غير مسبوقة، يواجه العالم تحديات جديدة فيما يتعلق بحفظ وتوثيق تراثنا الثقافي والمعرفي. تُعد هذه القضية مهمة بشكل خاص بالنسبة للعالم العربي الذي يشهد تحولات كبيرة ومواتٍ ثقافية متزايدة. يتطلب الأمر فهماً عميقاً لهذه التحديات والاستفادة القصوى من التقنيات الحديثة للحفاظ على تراثنا الغني والمتميز.

التحديات الراهنة

تتسع رقعة الفجوة بين سرعة فقدان المحتوى الرقمي والتكنولوجيات المتاحة لحفظه. وفقا لدراسات حديثة، يفقد أكثر من ثمانين بالمائة من البيانات الإلكترونية قيمتها بعد خمس سنوات بسبب عوامل طبيعية كإطارات الأجهزة أو البرمجيات التي تصبح عفا عليها الزمن مع مرور الوقت. كما يمكن أن تتسبب العمليات البشرية الخاطئة مثل حذف الملفات العرضيّة أو عمليات الاختراق الأمنيّة في خسارة بيانات ثمينة. بالإضافة إلى ذلك، قد يؤثر عدم وجود سياسات واضحة بشأن ملكية واستخدام المواد الرقمية بشكل سلبي على جهود الحفظ.

دور الذكاء الاصطناعي والحلول المستدامة

لإدارة هذه المشكلات المعقدة، تبدو الحلول المتعلقة باستخدام الذكاء الصناعي والأدوات التحليلية واعدة للغاية. تستطيع الشبكات الضخمة للتعلم الآلي تحديد الاتجاهات وتحسين طرق تخزين البيانات بطريقة فعَّالة وكفاءة أكبر بكثير مقارنة بالأسلوب اليدوي التقليدي. أيضا، تساعد تكنولوجيا blockchain في تعزيز الشفافية والحماية ضد التلاعب بمحتويات الإنترنت مما يسهم في ضمان سلامة وأمان الوثائق التاريخية والفنية والبصرية المسجلة رقميا.

الفرص والإمكانيات المستقبلية

مع الاستمرار في تطوير البرامج والخوارزميات الخاصة بالحوسبة الكمية، يمكن تقدير قدر كبير من الإمكانيات الجديدة لعمليات البحث والتحليل المضاد للاختلافات. فمثلا، يُمكن استخدام خرائط الجينات الكمومية لتحويل مجموعة واسعة ومتنوعة من الصور والصوتيات والنصوص إلى شبكة معلومات مشتركة واحدة تضم جميع أشكال الوسائط تحت مظلتها الواحدة الموحدة. هذا سيضمن الوصول إليها لاحقا لمدة أطول وبشكل أفضل بكثير مقارنة بخيارات الحفظ التقليدية والتي تعتمد غالبا على نسخ احتياطية محدودة وغير دائمة.

وفي النهاية، إن التعامل الناجع مع قضية حفظ تراثنا العربي الرقمي يستوجب وضع خطط استراتيجية شاملة تشمل تطبيق حلول مبتكرة وتعليم أفراد المجتمع بأهميتها. ومن خلال فعل ذلك يصبح لنا القدرة على تحقيق وصيانة تاريخ وثقافة شعبنا للأجيال التالية بكل عزيمة وعطاء.