- صاحب المنشور: أنوار القيسي
ملخص النقاش:
في عالم يسوده الاعتماد المتزايد على التقنية والبيانات، أصبحنا أكثر عرضة لتحيزات البيانات التي تؤثر بلا شك على قراراتنا. هذه الظاهرة ليست مجرد تحدٍ فني؛ بل هي قضية أخلاقية واجتماعية عميقة الجذور تحتاج إلى نقاش موسع وفهم شامل. سنستكشف هنا حقائق وأساطير حول هذا الموضوع، مع التركيز على كيفية تأثير تحيزات البيانات على اتخاذ القرار الذكي والاستراتيجيات اللازمة لتجنبها وتصحيحها.
تبدأ رحلتنا بتفكيك حقيقة "البيانات الكبيرة لا تكذب". صحيح أنه يمكن للبيانات توفير رؤى قيمة واتجاهات واضحة عندما يتم جمعها وتحليلها بطريقة موضوعية وموثوق بها. لكن التجاهل المطلق للتحيز البشري في عملية إنشاء وعرض تلك البيانات يؤدي إلى نتائج مضللة وخادعة. فعلى سبيل المثال، إذا تم تصميم خوارزميات لتصنيف الأشخاص بناءً على العرق أو الدين أو الجنس باستخدام بيانات تاريخية تحمل نفس التحيزات الاجتماعية والثقافية، ستنتج عنها أحكام متحيزة كذلك - وهو ما يشير إليه مصطلح "الانحياز الهيكلي" للمعلومات.
الأسطورة الأولى: الخوارزميات محايدة بالضرورة
هذه الفكرة خاطئة تمامًا. فالخوارزميات تعكس طبيعة البشر الذين يصممونها ويبرمجونها. إنها نسخة رقمية من انطباعاتنا وآرائنا الشخصية المبنية غالبًا على التجارب والمواقف الثقافية والأيديولوجيات. لذلك، حتى لو تمت برمجة الخوارزميات بأفضل نوايا ممكنة، فإن عدم وجود تمثيل متنوع للفريق الذي يطورها قد يحجب وجهات نظر مهمة وقد يعزز نظرة ضيقة تجاه مشكلة المعالجة.
الحقائق الرئيسية حول الانحياز الرقمي
- تأثيرات الماضي: التاريخ مليء بقرارات سياسية واقتصادية واجتماعية تركت آثاراً طويلة الأمد وانعكاسات غير متوازنة في المجتمعات المختلفة. تعمل هذه التأثيرات كنقاط بداية عند تدريب نماذج التعلم الآلي، مما قد يتسبب في تشكيل آراء متحيزة لمشاكل المستقبل. مثال واضح هو النظام القانوني الأمريكي السابق للقضاء على الفصل العنصري والذي أدى إلى توزيع متفاوت للأصول والقروض العقارية بين البيض وغير البيض. كانت النتيجة هي خلق مناطق فقيرة ذات أغلبية سوداء حيث تنخفض القيمة السوقية للعقارات مقارنة بالمناطق الأخرى ذات الغالبية البيضاء – وهذا الأمر ينعكس الآن عبر العديد من الخدمات المالية والبرامج الحكومية مثل برامج الإسكان المدعم.
- المواطنون المؤهلون: ضمن مجتمع حديث ومتنوع ثقافيًا واجتماعيًا، ليس كل الأفراد قادرين أو مستعدين للتفاعل بنفس الطرق والمستويات مع تكنولوجيا المعلومات والتطبيقات الحالية. الفرصة الأمثل للحصول على التعليم المناسب واستخدام الأدوات المتاحة بالتساوي تعتمد بشكل كبير على الوصول إلى الإنترنت ومهارات استخدام الكمبيوتر الأساسية والمعرفة بشروط الاستخدام الخاصة بكل خدمة مبنية عليها. بدون فهم لهذه الاختلافات، تصبح احتمالات الحصول على خدمات عالية الجودة أقل بالنسبة للبعض، بينما تستمر مجموعات أخرى في الاستمتاع بمزايا غير عادلة نتيجة للاستثمارات الأولية الضخمة التي قامت بها شركات الإنترنت العملاقة منذ ظهور شبكة الويب العالمية.
- الحلول العملية: هناك عدة خطوات ضرورية لإعادة ضبط مسار التعامل مع تحيزات البيانات وإصلاحها:
- التقييم الدوري: إجراء تقييم منتظم وشامل لانحيازات البيانات داخل المؤسسات والحكومات والشركات الخاصة لمساعدة المشرفين المسؤولين لاتخاذ قرارات مستنيرة بناءً على نتائج علمية دقيقة.
- تنوع الفريق: العمل بشكل استباقي لضم أشخاص ذوي خلفيات مختلفة أثناء عمليات البحث عن موظفين جدد لفريق تطوير الخوارزميات بهدف تفادي أي افتراضات خاطئة بشأن وجهة النظر الواحدة للحالة الإنسانية والسلوك الاجتماعي.
- الشفافية والإرشادات الأخلاقية: وضع سياسات توجيهية واضحة وتعليم عامة الناس حول مخاطر الانحياز الرقمي وكيفية تقليل تأثيراته السلبية قدر المستطاع.
- تعزيز الشمول: يجب تشجيع جميع أفراد المجتمع المحلي والعالمي على المشاركة بغض النظر عن جنسهم أو أصلهم الع