يحظر الشريعة الإسلامية على المسلمين استخدام لقب "الأب" لتسمية رجال الدين المسيحيين، المعروفين بالكهنة أو القساوسة، وذلك بسبب ارتباط هذا اللقب بتعاليم وممارسات دينية وثقافية خاصة بالنصرانية. قد يقوم البعض باستخدام هذا اللقب كتعبير عن الاحترام أو التقديس، وهو أمر ممنوع لأن فيه تشبهاً بالمسيحية التي تعتبر ديانة غير مقبولة لدى المسلمين.
في كتاباته، يشير العلامة الإسلامي الكبير ابن تيمية إلى أن لفظ "الأب" يتم استخدامه داخل المجتمع المسيحي للإشارة إلى درجة دينية معينة واحتراماً لهذه الدرجة وقبولاً لها ضمن العقيدة المسيحية. علاوة على ذلك، يؤكد العديد من الروايات النبوية أهمية تجنب المحاكاة للأديان الأخرى، حيث ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم قولاً: «من تشبه بقوم فهو منهم». لذلك، يعد اتباع مثل هذه التصرفات يشكل نوعاً من التقليد والدخول تحت مظلة عقائد الآخرين بدلاً من الانتماء الخالص لديننا الحنيف.
بالإضافة لذلك، فإن تكريم رمز كبير للدين الكافر عبر مخاطبته بلقب محترم متعارف عليه بين أتباع تلك العقيدة يعتبر افتراقاً واضطراب في الإيمان بمبادئ الإسلام الراسخة. فعندما يقترن اسم الشخص بكلمة "القداسة"، مثلاً، فهذا يعني التأكيد بشكل أكبر على مدى ارتفاع مكانته وفقاً لعقيدته الخاصة، وهي خطوة تنطوي على خضوع للشركيات والمعتقدات الوثنية المخالفة لفطرة التوحيد الواحد لله عز وجل.
وفي المقابل، قد يستخدم كلمات التعريف حول شخصية معروفة بالفعل بهذا اللقب بغرض البيان والشرح دون قصد للسخرية أو التقرب منها روحياً. وفي هذه الحالة تحديداً، ليس هناك مانعا شرعياً لاستخدام المصطلحات المرتبطة بشخصيته بناءاً على كونها جزءاً من حقيقة مطابقة لما يعرف عنه اجتماعياً ودينيّاً. ولكن يجب الحرص دائماً على عدم المغالاة في المدح والثناء لمن هم خارج ساحتنا الدينية بحسب توجيهات الفقهاء الذين حددوا عدة حالات تسمح فيها باتخاذ إجراء يعتمده التعاريف العامّة حتى لو تمثل فيما مضى بمثابة جريمة كبيرة بحكم القانون الأصلي للغيبة المنكرة والتي تساوى حرمتها بحرمانية الشهادتين حسب رأي كثير من أهل العلم والحفاظ على تراث النبي محمد صلى الله عليه وسلم وسائر صحابته رضوان الله عليهم جميعاً. فالغاية هنا هي تحقيق الفائدة العملية لكل فرد مسلم حرصا منه على العمل بما جاء بالسنة المطهرة وعلى وجه خاص عندما تتعلق مسألتنا بتقديم معلومات موصلة لحقيقة واقع حال شخص مشهور بمكاناته المختلفة سواء أكانت عالمية أم شعبية ذات تأثير عام.
ختاماً، ينصح بأن تكون مساعي التعريف تتم بقدر مناسب يخلو تمامًا من أشكال الاحتفاء الزائدة المهدرة للجهد المؤدي لنيل رضا مخالفين لطريق الحق والصراط المستقيم المرسومة لنا من قبل رب العالمين سبحانه وتعالى والذي خص جل وعز رسوله الكريم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم بالحماية لحظة ارتقاء البشر نحو صعود درجات طاعة مولاهم العزيز الرحمن الرحيم.