- صاحب المنشور: سيف البلغيتي
ملخص النقاش:
تُشكِّل العلاقة بين التكنولوجيا والهوية الثقافية قضية حاسمة ومستمرة تثير اهتمام الباحثين والمفكرين في جميع أنحاء العالم. وفيما يتعلق بالثقافة العربية تحديدًا، فإن هذه القضية أكثر تعقيداً بسبب غنى هذا التراث وتنوعه التاريخي والثقافي الواسع. يهدف هذا المقال إلى استكشاف كيفية توافق أو تنافر التقنيات الحديثة مع قيم وتقاليد المجتمع العربي، وكيف يمكننا تحقيق توازن يحفظ هويتنا الثقافية بينما نستوعب وفوائد عصر الذكاء الاصطناعي الرقمي المتسارع.
في زمن تشكل فيه وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام الجديد عوالم افتراضية جديدة تحكم طريقة تفكير الشباب وعلاقتهم بالحاضر والمستقبل، يتزايد البحث عن فهم أفضل لآثارها على الهوية الشخصية والجماعية للفرد والعالم العربي ككل. فمن جهة، توفر لنا هذه الوسائل آليات فعالة للتواصل والحوار وتعزيز المعرفة والتنمية الاقتصادية؛ ومن الجهة الأخرى، تهدد بتآكل بعض جوانب ثقافتنا وقيمنا الأصيلة إذا لم يتم التعامل معها بحذر وبأسلوب مدروس ينطلق من رؤية شاملة تراعي خصوصية مجتمعنا وأصالته.
على سبيل المثال، أثبتت دراسات عديدة أن استخدام الإنترنت بين الشباب العرب أكثر انتشارا مقارنة بمجتمعات أخرى حول العالم. لكن هل يعني ذلك انخفاض مستويات الاهتمام بقيم مثل الاحترام والتسامح والدعوة للإصلاح؟ أم أنها تُمكن أبناء المنطقة من بناء شبكات اجتماعية عالمية تساهم في توسيع مداركهم المعرفية وتعزز قدرات حل المشاكل لديهم؟
تشمل مجالات تطبيق تكنولوجيات المعلومات والاتصالات المختلفة التعليم والنشر والأعمال التجارية والترفيه وغيرها الكثير. وعلى الرغم مما يعتري كل منها من نقائص محتملة، إلا أنه بالإمكان تطوير أدوات مساعدة مبتكرة تدعم تعليم الطلاب وتحافظ على اللغة العربية وفروع العلم الإسلامي الغنية - كالعلوم الشرعية والفقه والفلسفة الإسلامية– والتي تعد جزءًا مهمًّا من تاريخ وثروة المسلم. فهذه المجالات بات بإمكانها الآن الوصول لأعداد أكبر عبر المنصات الإلكترونية المرئية والمسموعة والمكتوبة، حيث تعمل مؤسسات تعليمية متخصصة حاليًا على إنتاج مواد معرفية متنوعة تتلاءم خصيصًا مع متطلباته ومتطلباتها الحديثة.
دور الحكومات الشاملة
تلعب الحكومات دور محوري هنا أيضًا إذ إن لها تأثير كبير فيما يتعلق بصياغة السياسات العامة والاستراتيجيات التي تكفل شمول الجميع واستدامتها. فمن خلال الاستثمار بكفاءة في المجال الرقمي واتباع نهج مرن يسمح بالتكيف المستمر للمؤسسات المحلية لإحداث تغييرات بنيوية مناسبة لحماية أصالة جيل اليوم وغدا، سيكون بوسع الدول العربية مواجهة أي مخاطر محتملة دون الإضرار بجوهر هويتهم الفريدة.
التفاعل المجتمعي
بالإضافة لما سبق ذكره آنفا حول الدور الحكومي الكبير المؤثر بهذا الجانب الحي