على الرغم من الاعتقاد الشائع بأن الدين الذي يتمتع بقاعدة شعبية واسعة يجب أن ينمو بسرعة وبكثافة, فإن هذه المقاييس ليست الحصرية لتقييم مدى نجاح وانتشار أي دين. القرآن الكريم يؤكد عدة مرات على أن الأعداد وليست مؤشرًا موثوق به للتأثير أو القدرة على الانتشار المستدام.
في سياق الإسلام, هناك عوامل متعددة تساهم بشكل كبير في انتشاره الواسع رغم قلة عدد أتباعه المحافظين له. أولها, الوعد الرباني بالحماية والإظهار لهذا الدين حسب قوله "هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كلّه ولو كره المشركون".
بالإضافة لذلك, الإسلام يأتي بسياسة حياة سهلة ومقبولة وفقاً للفطرة الإنسانية الطبيعية. أيضا, الأخلاق والقيم التي يحملها الإسلام وتعزيز الضمير البشري هي عناصر جذابة للغاية تبقى راسخة في ذهن الإنسان عند التعرض لها.
بالنظر إلى تاريخ الإسلام, نجد أن العديد من الأمم قد انضمت إليه تدريجيًا عبر القرون المتعاقبة, مما يدعم الرأي القائل بأن قوة الدعوة الإسلامية تكمن في جوهرها الروحي والأخلاقي العميق, وليس فقط في حجم الشعب المدافع عنها.
وفي النهاية, إن الاستقرار والثقة هما أساس عظمة أي دين. وفي حين يبدو المسلمون اليوم أقل بكثير من البعض الآخر بناءً على الأرقام السكانية, فإن إيمانهم الراسخ والدفاع عن معتقداتهم يجسد روحاً أقوى بكثير - وهي روح تحترم الحياة البشرية وتحافظ عليها بغض النظر عن المساحة الأرضية التي تحتلها.
