- صاحب المنشور: المغراوي البوخاري
ملخص النقاش:
تتغير الصناعة والاقتصاد العالمي باستمرار بسبب الثورة الرقمية والتطورات التكنولوجية المتسارعة. هذه التحولات ليست مجرد تحديات بل هي فرص أيضا للمستقبل إذا تم التعامل معها بإبداع واستعداد للتغيير. يلعب قطاع تكنولوجيا المعلومات دوراً محورياً في تشكيل هذا الواقع الجديد، حيث تتسع دائرة الآلات والأجهزة الذكية التي تُستخدم لتحل محل البشر في العديد من الوظائف التقليدية. بينما يوفر ذلك زيادة الإنتاجية والكفاءة، فإنه يشكل أيضاً تهديداً للوظائف الاعتيادية ويطرح تساؤلات حول شكل العالم المهني مستقبلاً.
في البداية، يجدر بنا استعراض بعض الأدلة الواضحة على تأثير التكنولوجيا على سوق العمل الحالي والمستقبلي. وفقاً لدراسة أجرتها مؤسسة ماكينزي العالمية عام ٢٠١٧، فإن حوالي ١٥% إلى ٣٠٪ من العمال قد تضطر وظائفهم إلى التعديل أو الاختفاء تمامًا بحلول العام ٢٠٣٠ نتيجة الاستخدام المكثف لتقنيات مثل الروبوتات وأتمتة العمليات الذكية وإنترنت الأشياء. وهذا يعني فقدان ملايين الوظائف الأساسية كالعمل اليدوي والإداري وغيرها. ولكن الجانب الآخر لهذه القصة هو ظهور مجالات عمل جديدة لم تكن موجودة من قبل. فمثلاً، شهدنا نمو عدد كبير من المناصب الوظيفية المتعلقة بالذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية وتنمية البرمجيات والمزيد والتي لن تكون ممكنة بدون تطور العلم الحديث.
تأثير آليّات العمل الجديدة ليس محصورا فقط فيما يتعلق بفقدان الوظائف ولكن أيضًا يتجاوزه ليشمل التأثير على طبيعتها وشروطها ومنها:
- الطلب على مهارات مختلفة: ستحتاج الشركات إلى موظفين يتمتعون بمستوى أعلى من الخبرة والفهم التكنولوجي. وقد يؤدي ذلك إلى تغيير جذري في نوع المهارات اللازمة لأداء مختلف الأعمال مقارنة بكيفية أدائها حاليا. فعلى سبيل المثال، سيكون هناك حاجة أكبر لفريق متخصص في تحليل البيانات وإدارة الأنظمة المعقدة واتخاذ القرارات استنادًا إليها بدلاً من الاعتماد الكامل على خبرة ذوي التصنيف الأول في المجال التقليدي. بالإضافة لذلك، سيبرز دور الأفراد الذين يستطيعون دمج القدرات الإنسانية الحساسة كالابتكار والإبداع والتواصل الاجتماعي للعمل جنبا إلي جنب مع الحلول التكنولوجية الحديثة. وبالتالي، يمكن اعتبار العملية برمتها كتحديث شامل لسوق العمل مما يساهم بتكييف متطلباته المستقبلية مع الظروف الجديدة.
- الأجر مقابل الجهد المبذول: إن اختصار الوقت والجهد المستغرق لإنجاز مهمة معينة عبر الاستعانة بالأدوات التكنولوجية يساعد بالتأكيد الوسط الاقتصادي بأكمله. لكن كيف ينعكس ذلك مباشرة علي مرتبات العاملين؟ هل سوف تقبل جيوب الأشخاص المهندسين نفس كميتها بعدما خسر صاحب العمل معظم تكاليف التشغيل نظرا لاستثماره في معدات وآلية عمل روبوتية مثلا؟ رغم عدم وجود قاعدة ثابتة بالإجابة النهائية لهذا الطرح إلا أنها تعتمد غالبا على مدى قدرة الدولة وميزانها التجاري وقوة اقتصادها المحلي والعالمي وكذلك السياسات الاجتماعية المعتمدة بالساحة الوطنية والدولية ذات العلاقة بهذا القطاع وما شابهه.
- مرونة مكان العمل: تقدم وسائل الاتصال اللاسلكي وتحسن شبكات الإنترنت حلولا أكثر مرونة لمنسوبي القطاعات المختلفة وبشكل خاص أولئك المنضوين تحت مظلة "عمال الدعم" الذين يعملون خارج نطاق المؤسسات الرسمية. فتعدد فرص توفر خدمة الانترنيت العالية السرعة واحترافية استخدام ألواح الكمبيوتر اللوحية وغيرها من الوسائل