- صاحب المنشور: علوان الزرهوني
ملخص النقاش:
في عالم يتسم بعولمة متزايدة وحدود تتلاشى باستمرار، يبرز الحوار المتوسطي كمنصة استراتيجية لتعزيز العلاقات والتفاهم المشترك بين دول حوض البحر الأبيض المتوسط. هذا الحزام الجغرافي المهم الذي يمتد عبر الثقافات والأديان والمناطق السياسية المختلفة يجسد ثراءً وتنوعاً هائلين يمكن توظيفهما لتحقيق مكاسب اقتصادية وثقافية كبيرة إن تم التعامل معها بالشكل الصحيح.
تتجاوز أهمية المنطقة مجرد موقع جغرافي؛ فهي تضم أكثر من نصف الثروة النفطية المعروفة بالعالم العربي وموارد طبيعية غنية أخرى تشمل الغاز الطبيعي والفوسفات والمعادن الأخرى. بالإضافة إلى ذلك، يشهد قطاع السياحة نموا ملحوظا حيث تستقطب شواطئه الجميلة وأثار حضارتها القديمة ملايين الزوار سنويا مما يعزز دورها كمصدر رئيسي للإيرادات للعديد من البلدان المطلة عليها.
إذا أخذنا بالحسبان الموقع الاستراتيجي للمتوسط باعتباره رابطًا حيويًا للتجارة العالمية، فإنه من الواضح مدى تأثير أي تحولات سياسية أو اجتماعية قد تحدث فيه على الاقتصاد العالمي بشكل عام وعلى الدول الأعضاء داخله خصوصا. لذلك فإن بناء شبكة قوية متماسكة مبنية على التفاهم والاحترام المتبادل ستكون ركيزة أساسيه لاستقرار واستدامة هذه الدول مستقبلا كما أنها سوف تسهم بنمو تشاركي شامل لكل دول الجوار .
ومن الناحية الثقافية، تعتبر منطقة المتوسط بركان ثقافي متنوع يغذيها تراث تاريخي عميق ومتعدد الطبقات يعود جذوره لأكثر من خمسة آلاف سنة مضت! تلك الروابط العميقة التي تربط شعوب المشرق والمغرب تمتد عبر مشارف اليونان وإيطاليا جنوب أوروبا لتصل حتى ضفاف المغرب وخليج تونس شمال إفريقيا ؛ وهي روابط تتجدد كل يوم سواء كانت مباشراً أم غير مباشره بإنتاج أدبي وفني ومعرفي متفاعل ومستمر منذ القدم ويستمر حتى وقتنا الحالي بكل قوة وبراعة مميزتين !
وفي المقابل، هناك تحديات مشتركة تحدق بهذه المنطقة مثل الإرهاب والتطرف والإقصاء الاجتماعي والتي تلقي ظلالها القاتمةعلى آمال الجميع بالتطور والرخاء المستقبلي للأجيال الجديدة المنفتحة نحو رؤية مستقبل مشرق وآمن لمنطقة ساحرة بحضاراتها الموحدة بتراث واحد وإن اختلفت دروب الآمال ولكنهن تبقى تحت سقف الوطن الكبير... فالوطن هنا هو وطن الإنسانية بأجمعها فلنتعلم كيف نجارينا مجريات الأحداث لصالح شعبنا ولصالح العالم الخارجي أيضا!!!