- صاحب المنشور: شذى المغراوي
ملخص النقاش:في الأفق المتسارع للمعرفة والتقدم التقني الحديث، تتشابك العلاقة بين التكنولوجيا والمستقبل الأخضر بالتعقيد. فمن جانب، توفر الابتكارات الحديثة حلولاً متقدمة للعديد من المشكلات البيئية مثل تلوث الهواء، المياه، وتغير المناخ عبر تقنيات الطاقة الشمسية، الرياح، الحرارية الأرضية، وغيرها. لكن المقابل لهذه المزايا يظهر تحدياً كبيراً يتمثل في التأثيرات غير المباشرة للتكنولوجيا نفسها.
تأثير الصناعة الرقمية على البيئة
تشغيل البيانات الكبيرة، أعمال الذكاء الاصطناعي، والحوسبة العملاقة يتطلب كميات هائلة من الطاقة. وفقا لدراسة أجرتها مؤسسة "Berkeley Lab"، فإن قطاع المعلومات والاتصالات مسؤول حاليًا بنسبة وصلت إلى حوالي 2% من استهلاك العالم للكهرباء السنوي - وهو معدل أعلى بكثير مما كان عليه قبل عقدين مضى عندما كانت هذه القطاعات أقل انتشارًا واستخدامًا بهذا الشكل الواسع الانتشار. هذا الاستهلاك المكثف يؤدي مباشرة إلى زيادة الانبعاثات التي تساهم بتفاقم مشاكل الاحتباس الحراري العالمي. بالإضافة لذلك، هناك عامل آخر مرتبط بالاستنزاف الطبيعي لموارد الخام أثناء تصنيع الأجهزة الإلكترونية والأدوات التكنولوجية المختلفة مثل الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر الشخصية وما شابه ذلك والتي قد تضر بصحة التربة والمياه نتيجة وجود مواد سامّة فيها كالزئبق والكادميوم وغيرهما الكثير ممن يعرف بأنهم "معادن ثقيلة".
نحو مستقبل مستدام ومتوازن
للحفاظ على توازن بيئي قابل للاستمرار وسط الثورة التكنولوجية الحاليّة، يتوجب علينا النظر مليّا حول إمكانيات خفض الفجوة فيما بين الطلب المحلي والعرض الدولي المتمثل بالموارد المتاحة للتصنيع والاستعمال اليومي للمستهلك النهائي. مثلا، يمكن استخدام نماذج الأعمال الناشطة أخلاقيا وممارسات التصنيع الأخضر لخفض الآثار الضارة المرتبطة بعملية الإنتاج – وهذا يشمل ضمن أموره إعادة تدوير المخلفات وإعادة استخدام المواد الأوليه بدلاً من البحث دوما عن موارد جديدة لهاتين الغرضيتين الأساسيتين . وفي ذات السياق ، تبقى حوافز تشجيع البحث العلمي الإنمائي محورا رئيسيا لبناء أساس تكنولوجي رفيع الجودة وبالتالي مجتمع أكثر تطوراً بدون المساومة بفكرة تحقيق نمو اقتصادي مرتفع مقابل خسائر بيئية كبيرة تلحق بطبيعتنا وثروتها المعدنية والمتجددة.
بالإضافة لكل تلك الاعتبارات آنفة ذكرها , فإن وضع ضوابط وقوانيين تحكم عالم الرقمنة والصناعات الدقيقة سيضمن سلامة المواطن وصحتِه وصيانة نظام ايكولوغيكي يعزز دورا انسانيا مؤثرا فى تعزيز العدالة الاجتماعية وخلق فرص عمل مناسبة تؤهل الأفراد للعيش الكريم بما يحقق رفاهتهم الذاتية ورقي المجتمعات برمتها.