- صاحب المنشور: أنيسة الطرابلسي
ملخص النقاش:
في ظل الثورة الرقمية المتسارعة والتحولات الجذرية التي تشهدها تقنيات الذكاء الاصطناعي (AI)، يبرز دور هذه التقنية كمحرك رئيسي لتغيرات محتملة في قطاع التعليم. إن تأثيرات الذكاء الاصطناعي على النظام التعليمي العالمي ليست مجرد احتمال مستقبلي بعيد المنال؛ بل هي حقيقة متجذرة تعمل بالفعل على تغيير طريقة تفاعل الطلاب مع المحتوى التعليمي وتلقيه والتقييم منه. فما بين فرص كبيرة ومخاوف مشروعية، يتعين علينا استشراف الآفاق المرتبطة بتكامل تكنولوجيا AI مع المعرفة البشرية.
التكيف مع التحول الرقمي: تعزيز الأداء الأكاديمي عبر أدوات الذكاء الصناعي
أثرت جائحة كورونا عالمياً كان لها تداعيات عميقة على مجالات الحياة كافة ومن ضمنها القطاع التعليمي الذي شهد تحوّلاً جذرياً نحو التعلم الإلكتروني والأدوات الرقمية. وقد عززت هذه الظروف الاستخدام الواسع لأدوات ذكية مثل الروبوتات الدردشة القائمة على لغة طبيعية والتي تستطيع الرد على طلبات البحث بطريقة مشابهة للإنسان إلى حد كبير مما يسمح للمتعلمين بالحصول على معلومات شاملة بسرعة وكفاءة عالية بالمقارنة بالاستعانة بمؤشر بحث الإنترنت العادي. ولكن تتعدى الفوائد الابتكار المعرفي فحسب، حيث يمكن استخدام نماذج اللغة الكبيرة (LLMs) ذات القدرات اللغوية الحاسوبية بتخصيص المضامين ليناسب الاحتياجات والفروقات الدراسية المختلفة للأفراد بالإضافة لإعداد مواد تعلم مبتكرة وفق رؤى آلية تساعد المعلمين والمعلمات بإتقان مهارات التدريس الخاصة بهم.
مواجهة المخاطر المحتملة للحفاظ على سلامة العملية التربوية
على الرغم من الإيجابيات الباهرة لهذه الأدوات إلا أنها تحمل أيضا بعض العقبات التي ينبغي أخذها بعين الاعتبار قبل اعتمادها بكافة جوانب المؤسسات التعليمية. أحد أهم تلك المشكلات يكمن فيما يعرف بـ "الغش" أو الاحتيال باستخدام برمجيات مساعدة كالنموذج الشهير GPT4 والذي يستخدم حاليًا بشكل واسع لإنتاج محتويات مقلدة بدون ذكر مصدر المعلومات الأصلية وهو ما يشكل تهديدا خطيرا لنظام الامتحانات والمناهج القائمة حالياً بينما هناك مخاوف أخرى متعلقة بحماية البيانات الشخصية وعدم مراعاة خصوصيتها أثناء جمع بيانات المستخدمين كذلك قدرتها المحتملة لنشر معلومات مضللة أو غير دقيقة نظرًا لعدم وجود ضوابط صارمة حول جودة وصلاحية المدخلات المدربة عليها سابقًا.
تحديد الاتجاهات الحديثة لصناعة القرار داخل المدارس
يتجه العديد من المسئولين والقائمين على إدارة مدارس اليوم نحو تبني كل جديد وأحدث التقنيات بغض النظر عن مدى جدواها العملية الأمر الذي قد يؤدي لتضييع الكثير من الوقت والجهد دون تحقيق نتائج مفيدة فعلياً لذلك فإن اختيار أفضل حلول البرمجيات المناسبة لكل مؤسسة تعليمية مرهون بفهم دقيق لحجم احتياجات جميع أفراد المجتمع المدرسي سواء كانوا طلاب أم مدرسين أم مسؤولي دعم أكاديمي وذلك لتحقيق توازن مثالي يعود بالنفع للجميع ويضمن نجاح تطبيق أي نظام مبتكر ومتطور حديثًا. وفي الأخير تعتبر القدرة الإنسانية الفطرية على التفكير والإبداع جوهر طرق تعليم الإنسان منذ القدم ولذا يجب دائماً التركيز عليها وتعظيم قيمتها تزامنًا واستكمالًا لما تقدمه لنا التقنيات الحديثة وليست إلغاؤها والاستسلام تماما أمام طغيان ثورات العالم الرقمي!