عملت عدة سنوات من حياتي كطبيب بمستشفيات الأمل بجدة والرياض، ثم في فريقها القيادي قبل أن أنتقل للتعليم الجامعي، مررت بقصص معاناة المدمنين وأسرهم بعد أن وقعوا في براثن الإدمان، فخسروا أنفسهم ،مستقبلهم، أسرهم، وبعضهم حياته،كانوا يصفون الإدمان أنه "حضيض" استعبدهم #الحربعلىالمخدرات
وقفت على حالات شباب من كل الأعمار والمستويات الإجتماعية، فالإدمان وباء يعصف بكل الفئات، ومتى ماتحكم في المتعاطي أصبح محور حياته لاينفك منه بسهوله، يجعله يستحل كل شئ للحصول على الجرعة ويغدوا أسيرا لإدمانه على مدار الساعة، الغاية عنده التعاطي، والوسيلة لاتهم، أياً كانت، الغالي يرخص
البداية كانت صاحب سوء، فدخان، فتعاطي عرضي، فإدمان، فمخالفة للقانون، وموبقات،فسجن أو مرض مزمن أو عدوى تعصف بصحته، رأيت الجامعي، والأمي، وصاحب الشهادات العليا، ورأيت الحرفي، والموظف والتاجر، النهاية واحدة، طريق الهاوية، الحضيض كما يقولون...
رأيت صاحب الشخصية العدوانية،المضادة للمجتمع، والساذج الذي ينطبق عليه المثل " مع الخيل..."
ورأيت من إستأمن صديق سوء أو حتى قريب فأطاح به غيرةً لكي لا يكون أفضل منه، وانتهى بهم المطاف على سريرين متجاورين. رأيت من بترت أطرافه، ومن تسمم دمه، ومن ذهب عقله، ومن فقد أعز مالديه بسببه...
قابلت من قصَّ حكايته فحسبتها من الخيال، من أفاق فوجد نفسه في حاوية نفايات، أو مطروحا في مكان مهجور بعد ماظن رفاقه انه مات فتخلصوا منه، فعاد إليهم ليحصل على الجرعة التالية، فقد أصبح بحق "عبدا للمخدر" لايستطيع الفكاك منه ولولا انه تم القبض عليه وايداعه للعلاج لما توانى من تكرارها.