على الرغم من وجود فتاوى متعددة تؤكد على تحريم أو مكروهية الطلاق بدون سبب مشروع، فقد شوهد لدى بعض الصحابة ظاهرة تُظهر خلاف ذلك. ولكن، يجب توضيح عدة جوانب لتحقيق فهم صحيح لهذه الظاهرة:
في الأصل، يُعتبر الطلاق أمرًا محظورًا باستثناء حالات الضرورة الملحة. يرى فقهاء مثل ابن قدامة وابن تيمية أن "الإباحة" تكون فقط لحالات الضرورة، أي عندما يكون هناك حاجة ملحة. ويتضح هذا أيضًا من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي يشير إلى بغض الله للطلاق عندما لا تكون هنالك حاجة إليه.
ومع ذلك، فإن الأمثلة المعروفة للإكثار من الطلاقات بين بعض الصحابة تحتاج إلى دراسة معمقة. فمثلًا، حالة الحسن بن علي -رضي الله عنهما- ليست واضحة تمام الوضوح حسب الروايات المتاحة. تتفاوت تقديرات عدد زوجاته بشكل كبير، بدءاً من مجرد الثلاثين وتصل إلى ثلاثة آلاف وفقًا لرواية واحدة مشكوك فيها.
ويرجع البعض تفسيراً محتملًا لهذا الأمر إلى اختلاف السياقات الاجتماعية في تلك الفترة؛ فالنساء كن يتمتعن بحماية أكبر وكانت لديهم فرص لإعادة بناء حياتهن بسرعة نسبيًا بالمقارنة بالعصور التالية. بالإضافة لذلك، ربما كان بعض الرجال معروفين بتعدد زوجاتهم بسبب عوامل أخرى خارج نطاق التحكم الديني.
وعلى الرغم مما سبق ذكره، فإن قبول المجتمع لمن تطلق النساء بكثرة ليس بالأمر الطبيعي في كل الأحوال. يؤكد التاريخ عدم انتشار هذه الكمية الهائلة من طلاقه بين الصحابة بشكل عام. ويظهر مثال آخر حول حرصه على عدم استمرار زوجته رغم قدرته المالية والقوة الشخصية.
وفي النهاية، يمكن الاستنتاج بأن تكرار طلاق الصحابة لا يعد دليلاً على تقبل ثقافي واسع النطاق لهذا التصرف الحقيري تجاه حقبة مهمة ودقيقة من الإسلام المبكر.