- صاحب المنشور: زينة العروسي
ملخص النقاش:تُعد التطورات التقنية المتسارعة التي تشهدها العصر الرقمي اليوم محوراً رئيسياً يؤثر بلا شك على حياة الناس وانماط تفكيرهم وعاداتهم المعيشية. وفي هذا السياق, يشكل العالم العربي إحدى المناطق الأكثر تأثراً بهذه التحولات نظرًا لخصوصياته الثقافية والتاريخية. هنا يكمن الجدل الفلسفي حول مدى قدرة هذه الثورة التكنولوجية على المساهمة الإيجابية في تطوير مجتمعنا أم أنها تهدد بنيوته الاجتماعية والعائلية بل وتتناقض حتى مع بعض قيمه الدينية والأخلاقية الأساسية.
الآثار الاقتصادية والثقافية للإنترنت والمواقع الإلكترونية
لا ينكر أحد الفوائد الاقتصادية الباهرة لاستخدام الإنترنت للمجتمعات العربية؛ حيث فتح آفاقا واسعة أمام رواد الأعمال والشركات الصغيرة والمتوسطة لإقامة مشاريع افتراضية عبر التجارة الالكترونية أو الخدمات الرقمية المختلفة مثل البرمجة واستضافة المواقع وغيرها مما كان مستحيلاً قبل ظهور الشبكة العنكبوتية العالمية. إلا أنه وعلى الجانب الآخر، قد يظهر تأثير سلبي يرتبط بعمل المرأة خارج المنزل بسبب توفر خيارات عمل أكثر مرونة وغالبًا أقل دخل مما كانت تحصل عليه لو رغبت بالعمل ضمن بيئة تقليدية تحت اشراف رجل كون الإسلام حدّد أدوار كل طرف ضمن نطاق الحياة الأسرية كجزء مهم للحفاظ على استقرار المجتمع وأمان الأطفال خصوصاً الفتيات الصغيرات. كما يمكن اعتبار انتشار محتوى غير مرغوب فيه عبر الشبكة -خاصّة بين فئات الشباب- كمصدر آخر لدواع القلق بشأن التأثيرات المحتملة لهذه الأدوات الجديدة علينا وعلى نظرة الغرب لنا باعتبارنا جزء منه وليس مستقلاً بذاته يحافظ ويتمسك بميزاته الفريدة.
وسائل التواصل الاجتماعي وآليات الحماية الذاتية
وسائل الإعلام الإجتماعي تعد منتشرة بكثافة كبيرة داخل البلدان العربية لما تقدّمه من خدمات مجانية يتيح الوصول إليها لأعداد كبيرة ممن لا يتمتعون بإمكانيات مادية مناسبة للاستفادة مباشرة من الانترنت بطرق أخرى كشراء خطوط انترنيت خاصة مثلاً. ولكن يجب الانتباه أيضاً لتأثير تلك المنصات على رأس المال الاجتماعي لدى الأفراد الذين يقضون ساعات طويلة يوميا باستخدام تطبيقات مختلفة مثل واتساب وإنستجرام وتويتر وغيرها والتي غالبا ماتكون مخصصة لأنشطة هامشية ليس لها علاقة بوضع الخطط المستقبلية لبناء حياة أفضل لهم ولأسره وللمجتمع بأكمله بالإضافة لاحتمالية التعرض لمحتويات ضارة ومضلة إذا لم يتم اتباع إجراءات وقائية مناسبة لحفظ النفس ضد أي ضرر قد يصيب تركيبة الشخصية نتيجة الاستخدام الاعتيادي والاسترسال الزائد لفترة مطولة بدون توقف منتظم يسمح باستعادة توازن نفسي واجتماعي مناسب.
لذلك فإن الدعوة عامة نحو تنظيم الوقت بشكل فعال عند استخدام شبكات التواصل وإبعاد العين عمّا يُشعر المرء بالإثم وبضرورة الحرص الشديد أثناء تصفح صفحات مجهولين المصدر واحترام حقوق الملكية الفكرية وعدم نشر معلومات خاطئة تضلل الجمهور الواسع مهما بلغ حجم المؤيدين لذلك الامر الخطير والذي يعكس مدى مساهمتهم بإفساده وضلاله!