- صاحب المنشور: كشاف الأخبار
ملخص النقاش:
في عصر تتزايد فيه أهمية الديمقراطية كنموذج للحكم العالمي، تبرز تساؤلات حول مدى توافقها مع القيم الإسلامية. هذه العلاقة المعقدة بين الإسلام والديمقراطية تُعدّ موضوعًا مثيرًا للجدل بين المفكرين المسلمين والعالميين على حد سواء. يرى البعض أنّ الديمقراطية، التي تعني الحكم الذاتي للشعب وتداول السلطة عبر الانتخابات الحرة، يمكن دمجها مع العقيدة الإسلامية، حيث إنَّ الشريعة الإسلامية تدعو إلى العدالة الاجتماعية والمشاركة السياسية، بينما يشكك آخرون في قدرتها على تحقيق حكم عادل يتماشى تماماً مع الأحكام الشرعية.
تتمثل إحدى فوائد مزج هذين النظامَين في أنها توفر فرصة لحماية حقوق الأقليات والمساهمة في حل الصراعات بشكل شامل ومستدام. فعلى سبيل المثال، شهدت بعض البلدان ذات الأغلبية المسلمة نجاحات ملحوظة في تطبيق نماذج ديمقراطية متوافقة مع التعاليم الإسلامية. وفي تركيا، أثبت حزب العدالة والتنمية بزعامة رجب طيب أردوغان قدرته على بناء نظام سياسي حديث تحت مظلة العلمانية والإسلام المعتدل، مما أدى إلى ازدياد الاستقرار الاقتصادي والأمني داخل البلاد. وبالمثل، حققت ماليزيا تقدمًا كبيرًا منذ استقلالها عام ١٩٥٧م حتى الآن، وذلك بفضل نهجها الذي يُجمع بين قيمهما الثقافية والتاريخية المتأصلة ومتطلبات السوق العالمية.
ومع ذلك، فإن هذا الجمع ليس خاليًا من التحديات أيضًا. فالبعض يعترض بأن الديمقراطية قد تؤدي إلى تشريع قوانين تخالف الشريعة الإسلامية، وهذا ما حدث بالفعل في بعض الدول مثل مصر بعد ثورات الربيع العربي عام ٢٠١١م عندما تم تمرير دستور جديد تضمن مواد تخالف أحكام الدين الإسلامي بحسب وجهة نظرهم. بالإضافة لذلك، هناك مخاوف بشأن احتمال تغليب المصالح الشخصية والفئويةعلى مصالح الشعب العام أثناء عملية صنع القرار السياسي، وهو ما يناقض روح الأخوة الإنسانيّة والتكافل الاجتماعي المنادي بهما الإسلام.
للتعامل مع هذه المشكلات بطريقة مقنعة، يقترح العديد من الفقهاء المسلمين تبني منظورٍ وسطٍ يدمج بين الأسس الفقهية والقواعد العملية للديمقراطية. ومن الأمثلة البارزة هنا آراء الدكتور يوسف القرضاوي الذي أكد ضرورة مراعاة المصدر القانوني الأعلى عند اعتماد أي نظام دستوري أو قانوني داخل المجتمع الإسلامي. وهكذا نصل إلى خلاصة مفادها أنه رغم اختلاف وجهات النظر، إلا أنّ البحث الجاد والحوار الهادف هما مفتاحان أساسيان للتوصل لاتفاقية تحترم خصوصيتها الثقافية وتعزز مساهماتها في عالم أكثر عدلاً وعدلاً.