- صاحب المنشور: مرح القيسي
ملخص النقاش:
تُعتبر قضية الحداثة والتراث موضوعًا عميقًا ومثيرًا للنقاش في عالمنا المعاصر. فهو يتعلق بكيفية الجمع بين القيم والممارسات التقليدية مع الابتكارات الحديثة لتحقيق تقدم مستدام دون المساس بالثوابت الثقافية والدينية. هذا التوازن الدقيق ضروري للمجتمعات الإسلامية التي تسعى للتطور ولكنها تحافظ أيضًا على هويتها العميق الجذور.
في جوهر الأمر، تشير "الحداثة" إلى عصر التحول الذي يشهد تغييرات كبيرة في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والعلمية والثقافية بسبب اختراع وسائل جديدة وتطوير تقنيات متقدمة. بينما يرمز "التراث"، عادة، للقيم والأعراف والمعارف الراسخة المتوارثة عبر الأجيال والتي تعكس الهوية التاريخية للشعب أو الدين أو الإقليم.
وعندما ننظر لهذه المصطلحات بموضوعية، يمكن استيعاب مدى أهميتها لكل منهما لفهم وجهتي نظر مختلفين حول كيفية بناء مجتمع عصري قادر على المنافسة عالميًا وأرضي بمسلمات دينيه وثقافته الأصيلة. إن الفهم الذكي لهذا التباين سيسمح لنا بإيجاد حلول وسط تحقق مصالح الجميع.
بداية، دعونا نتناول جانب الحداثة؛ فالاختراع والإبداع هما ركيزة أساسية لتقدم المجتمع البشري واستمراريته. فمن خلال البحث العلمي والتكنولوجي يتحقق ازدهار اقتصادي وتحسين نوعية حياة الإنسان بطرق لم تكن ممكنة قبل قرون. إلا أنه ينبغي التأكيد هنا بأنه رغم بعد هذه الأحكام العلمانية وقيمتها العملية إلا أنها ليست نهاية المطاف ولا تستطيع وحدها توفير حل شامل لجميع مشاكل البشرية. فقد أثبت تاريخ الإسلام منذ نشأته بأن للعقل دور مهم جنبًا إلى جنب مع الوحي الإلهي للإرشاد نحو الطريق الحق والصلاح العام. لذلك فإن أي مشروع تحديث حديث يجب ألّا ينفصل عن جذوره الأساسية وإنما يستلهم منها ويستثمرها لإحداث نقلة نوعية حديثة ومتوافقة مع الثوابت المرعية لدى المسلمين وغيرهم ممن يحمل نفس الهدف سامٍ وهو الوصول لرقي بشري عام مفيد لكل أحد بلا تفريق بين لون بشرى أو موطن أرضي بعينه حيث قال عز وجل مخاطباً رسوله محمد صلى الله عليه وسلم: {