أعرف أن علاج الملل، هو الفضول، لكن - مع الأسف - لم أجد طبيباً يتقن كتابة وصفة لعلاج الفضول! أقول هذا، وأنا موقن بأن عائلتي الصغيرة، تنتقم من غيابي وانشغالي الذي لا ينتهي، وهذا من فضل الله عليَّ، بطريقة جديدة لم أعتدها من قبل!
#تركي_الدخيل
نعم... إنهم ينتقمون منِّي بالطريقة التي لم أتوقعها، إنهم يزرعون الكتب في طريقي من أجل ساعة المكتبة الليلية، ويتركون رسائل مكتوبة بخط اليد، لأنهم يعرفون أني مفتون بالرسائل - أخص منها - ما خالط اليد والعطر، ورُسِم على بياض الورق بمحبة خالصة، يصعب تحقيقها بالرسائل الإلكترونية.
قبل يومين،كنت أتغنَّى بأبيات ل #أبيالقاسمالشابي،ولا أعرف سبباً واضحاً لهطوله عليَّ ليلتها،كنت أنشد نشيد الحياة،سعيداً موقناً بأني سأنتهي من كتاب بدأته قبل أيام،ثم انشغلت عنه بأخيه،ثم بعمل وسفر،وكنت عاهدت نفسي،أن أقاومَ الفضول،وأتجنب الكتب التي يهديها الأصحاب والفضلاء والناشرون.
قبل أن أتم ما بدأته، فجأة ودون ميعاد، وأنا أترنم بالشابّي:
وشفَّ الدجى عن جمال عميقٍ
يشب الخيـالَ ويذكي الفكرْ
ومُدَّ عَلَى الْكَوْنِ سِحْرٌ غَرِيبٌ
يُصَـرِّفُهُ سَـاحِـرٌ مُقْـتَدِرْ
وَضَاءَتْ شُمُوعُ النُّجُومِ الوِضَاء
وَضَاعَ البَخُورُ، بَخُورُ الزَّهَر
ولم أكمل بخور الزهر، حتى رأيت من بعيد، كتاباً مقلوباً على بطنه، لم يكمله من بدأه، تأدباً وفضولاً، اتجهت لأعيدَ الكتاب إلى رف قريب.