• صاحب المنشور: علاوي الموساوي
  
  ملخص النقاش:
  أحدثت ثورة الذكاء الاصطناعي تغييرات جذرية في مختلف مجالات الحياة، ولا سيما سوق العمل. فمن ناحية، يوفر الذكاء الاصطناعي فرصًا جديدة للنمو الاقتصادي والابتكار، بينما يشكل تحديًا كبيرًا لأصحاب المهارات التقليدية وسط تزايد الآليّة واستبدال بعض المهن بالروبوتات والأتمتة. تتباين استجابة الحكومات والشركات لهذه التغيرات؛ فبينما تسعى بعضها إلى تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي لتعزيز الكفاءة والإنتاجية، تحاول أخرى حماية العمال وتوفير إجراءات تأديبية للتخفيف من آثار فقدان الوظائف.

في هذا السياق، يتطلب فهم تأثير الذكاء الاصطناعي على سوق العمل مراعاة عدة جوانب رئيسية. أولاً، توفر تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي حلولًا ذكية لمجموعة متنوعة من المشاكل المعقدة، مما يؤدي في النهاية إلى زيادة الإنتاجية وتحسين العمليات في قطاعات مختلفة مثل الرعاية الصحية والمالية والصناعة. كما يسمح بتخصيص الخدمات بناءً على احتياجات الفرد، وتعزيز تجربة المستخدم عبر الإنترنت. ولكن مع هذه المكاسب يأتي أيضًا خسائر محتملة في الوظائف التي يمكن أدائها بواسطة خوارزميات تعلم الآلة أو القوى العاملة الروبوتية الآلية. ومن الأمثلة البارزة على ذلك انحسار وظائف الرد على الهاتف والاستقبال المكتبي حيث تم استبدال هذه الأدوار تدريجيًا بأنظمة الاتصال ذاتية التشغيل والتي تتميز بكفاءتها وبساطتها وقدرتها على الاستيعاب اللغوي المتعدد.

وعلى الرغم من المخاوف بشأن البطالة المدفوعة بالتكنولوجيا، إلا أنه يحمل الذكاء الاصطناعي معه أيضًا فرص عمل وشرائح مهنية جديدة تمامًا. فعلى سبيل المثال، زاد الطلب بشكل ملحوظ على موظفين ماهرين في البرمجة والتحليل الضخم للبيانات وأساليب تصميم نماذج الذكاء الاصطناعي لتدريب الخوارزميات. وعلى غرار سابقيه؛ كانت الثورات التصنيعية وموجة الحوسبة قد خلقت عدد أكبر من الوظائف مقارنة بسابقةها - وهذه ظاهرة تُعرف باسم "تأثير سكوكروفت" نسبة لعالم اقتصاد أمريكي يُدعى روبرت سكوكروفت الذي اقترح فرضيتَه عام ١٩٦٤ بأنّ الثورة الصناعية ستؤدي لفترةٍ مؤقتةٍ للبطالة بسبب عدم قدرة المجتمع وقتها لاستيعاب عملية الانتقال نحو مجتمع أكثر آلية وإنتاجية حتى تعزز تلك التحولات مستويات الدخل وتمهد لطرق عيش أفضل للأغلبية بعد انتهاء الفترة الانتقالية. وقد شهد التاريخ مثالًا حيًا لذلك حين نشأت فرصة لشغل ملايين المناصب الجديدة خلال القرنين الأخيرين منذ بداية عصر الثورة الصناعية الأولى وما تبعها لاحقًا من تقدم علمي هائل غير وجه العالم رأسًا على عقب ليصبح اليوم حاجزا أساسياً لسوق العمل الحديث!

ومن منظور آخر، تلعب التعليم المستمر دورًا حيويًا في مواجهة تحديث سوق العمل الناجم عن ظهور التقنيات الحديثة كالذكاء الاصطناعي وغيره. إذ تشجع السياسات الحكومة الأفراد الذين يعملون حاليًا ضمن مجالات معرضة للمخاطر بإعادة التأهيل والتدرب للحصول على مزايا تنافسية جديدة تناسب متطلبات عالم الأعمال الجديد المبني اعتمادًا كليًا على البيانات والمعرفة الرقمية وفهم عميق لكيف