الحمد لله، وبعد:
يتعلق هذا الاستشارة بحالة شائعة في البيئات العملية حيث يتم ترقية بعض الموظفين إلى أدوار عليا مثل "مدير عام مساعد"، مما يتطلب رفع ملفاتهم الوظيفية للتقييم والتعيين النهائي لدى المركز الرئيسي للشركة. ومع ذلك، تشير القضية المطروحة إلى وجود تحديات تتضمن تواجد وظائف محرَّمة داخل تلك المؤسسات، ومن أبرز الأمور المستفزة المرتبطة بالربا.
في سياق الإسلام، يعد التعامل مع أي نشاط مالي مبني على نظام الفوائد الربوية أمرًا محرمًا تمامًا وفق الآية القرآنية الكريم "وتعاونوا على البرّ والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب". تؤكد الرواية المسندة عن جابر بن عبدالله -رضي الله عنه- التي جمعتها كتب الحديث مثل صحيح مسلم وتفسير الطبري وغيرهما -لعن الرسول ﷺ آكلي وفاعلي وضامني وضاربي وزائدي الربا-. وهذه العقوبات الشرعية تمتد لتشمل جميع المشتركين الذين يساعدون بطريقة ما بشكل مباشر أو غير مباشر في عمليات تمويل ربوية.
ومن منظور عملي، فإن دور الشخص المنوط بالإشراف على عملية اختيار المرشح المناسب لوظيفة إدارة عامة مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالأمر. فعندما يكون وضع شخص مؤهل للغاية ولكن الدور المقترح هو تنسيق عمليات اقتراض ذات أساس ربوي، فإن المهمة الأخلاقية والإدارية تكون واضحة وهي عدم تقديم الدعم لهذا القرار. لأن القيام بذلك سيكون استمرارًا ضمنيًا لدعم الأنشطة المحرمة دينياً والتي تستهدف المجتمع ككل.
إذا كانت الشركة توفر مجموعة متنوعة من الأدوار الأخرى المصرح بها شرعًا ولم تكن وظيفة خدمة القروض الربوية ضرورية للتوظيف الأعلى، يمكن حينها تقديم الملف الوظيفي للمركز المركزي بما يكفل فرصة الحصول على مركز أعلى دون انتهاك حرمة الشرع. لكن يجب التنبيه أنه ينبغي تجنب المواقف المثيرة للغضب الديني قدر الإمكان والحفاظ على نزاهتهم الشخصية والأمانة تجاه الدين والسلوك الاجتماعي المسؤول.
وفي نهاية الأمر، نذكّر بأن مسؤوليتنا تكمن في البحث عن طرق لإدارة الأعمال التجارية بما يتماشى مع الأعراف الإسلامية حتى نحقق نجاحًا ثابتًا ومتكاملاً نفسياً وروحيًا فضلا عن تحقيق نتائج مادية مطمئنة.
