- صاحب المنشور: كريمة البرغوثي
ملخص النقاش:
في قلب العديد من المجتمعات الإسلامية، يبرز نقاش حيوي حول دور التعليم في ظل القيم والمبادئ الإسلامية. يُعدُّ هذا الموضوع معقدًا ومتعدد الأوجه حيث يتأرجح بين التوتر بين الوحي ومكتسبات العصر الحديث. يعزز الإسلام أهمية طلب العلم والمعرفة، لكن كيف يمكن تحقيق التوازن بين هذه الرغبة وبين الالتزام بالقيم الدينية والأخلاق؟
يؤكد القرآن الكريم والسنة النبوية على أهمية التعلم واكتشاف المعرفة. يقول الله تعالى: "قلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ" (الزمر/9). وفي حديث نبوي شريف، قال الرسول محمد صلى الله عليه وسلم: "طلب العلم فريضة على كل مسلم".[1] هذا يؤكد قيمة الفهم والبحث المستمر للمعرفة كأساس مهم لبناء شخصية مسلمة متكاملة.
ومن ناحية أخرى، قد يشعر البعض بأن هناك تصادم محتمل بين بعض تعاليم الدين والقيم الحديثة التي يتم غرسها عبر المؤسسات التعليمية غير الإسلامية. فمثلاً، في المناهج الدراسية الغربية، قد تؤخذ المواضيع مثل نظرية التطور أو مفاهيم حقوق الإنسان على أنها تضارب مع تعاليم الدين الإسلامي. هنا يأتي دور الآباء والمعلمين لتوجيه الأطفال نحو فهم العالم بطرق تتوافق مع الشريعة الإسلامية.
العلاج يكمن في إدراك كلا الجانبين. إن ضمان استمرار تقديم تعليم واسع وشامل للأطفال لا ينبغي أن يعني تنازلًا عن تعاليم الدين أو الأخلاق. في الواقع، يمكن دمج الثقافة والدين معا لإثراء تجربة التعلم. وهكذا، فإن النظام التعليمي الذي يعكس هوية الطالب الثقافية والدينية يمكن أن يحقق أفضل النتائج الأكاديمية والشخصية.
لتحقيق ذلك، يجب على المؤسسات التعليمية العربية والإسلامية العمل بصورة أكثر فعالية لإعداد وتطوير مواد تعليمية تحترم الهوية الإسلامية وتعززها. وهذا ليس فقط مسؤولية المدارس الحكومية وإنما أيضًا مؤسسات القطاع الخاص والمدارس المنزلية. كما يلعب الجيل الجديد من الأساتذة دوراً حيوياً في بناء جسر بين المعارف التقليدية والعصرية، مع التأكيد دائماً على أهمية الإيمان والعمل الصالح.
وفي نهاية المطاف، تتمثل المهمة النهائية لمناقشة "الإسلام والتعليم" في خلق بيئة تعلم تحتفي بالمعرفة الحقيقية - سواء كانت روحانية أم مادية - مما يمكّن الأفراد من الاستفادة المثلى من مواهبهم وقدراتهم وفقاً لأخلاص ديننا الحنيف.
[1] المصدر: صحيح البخاري، كتاب فضائل القرآن، باب فضل حفظ القرآن.