- صاحب المنشور: إباء بن بكري
ملخص النقاش:
في السنوات الأخيرة، أصبح نقاشا حول العلاقة بين الدين والعلم أكثر بروزًا وأهمية. هذا النقاش يُطرح بكثافة خاصة في المجتمعات الإسلامية حيث يتم البحث باستمرار عن فهم أفضل لكيفية توافق الإيمان الديني مع التحولات العلمية والثقافية الحديثة. ينقسم الرأي العام إلى ثلاثة آراء رئيسية؛ الأولى ترى تضاربًا مباشرًا بين الدين والعلم، الثانية تعتبر أنهما متكاملان تمامًا ويعملان جنبًا إلى جنب، بينما تعترف الثالثة بأن هناك مناطق تداخل بينهما ومناطق أخرى تتطلب تفكيراً خاصاً لفهم علاقتهما بها بصورة دقيقة.
دعونا نبدأ بتسليط الضوء على وجه النظر التي تقول إن الدين والعلم هما عدوان متناقضان بطبيعتهم. هذه الفكرة مستمدة غالبًا من سوء فهْم أو تشويه بعض المفاهيم الدينية لمعتقداتها الأساسية. قد يرى البعض تناقضا مثلا عندما يتعلق الأمر بمفاهيم مثل خلق الكون والتطور البيولوجي - وهو ما يشكل مصدر قلق كبير للمؤمنين الذين تربوا على الاعتقاد بوحي كتابي دقيق بشأن تاريخ الخلق كما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة. لكن إذا نظرنا بعناية أكبر لأصول تلك الأفكار الواردة في الكتاب المقدس الإسلامي والحديث النبوي الشريف، يمكننا رؤية أنها تأتي ضمن سياقات ثقافية وعالمية مختلفة تمامًا عمّا نعيشه اليوم نتيجة للتقدم العلمي الهائل الذي شهده العالم الحديث خلال القرن الماضي وما قبله مباشرة منذ عصر النهضة الأوروبية حتى يومنا الحاضر.
ومن جهةٍ أخرى، يوجد رأي يقترح التوافق التام بين العلم والدين ويعتبر أي خلاف مجرد نتيجة لإساءة فهم أحدهما للآخر بسبب عدم وجود حوار مفتوح وجاد بين متخصصين ممن لديهم دراية كافيه بكلتا المجالات المتخصصة لكل منهم والتي تتمتع بأدبياتها الخاصة وطرقها المختلفة للحكم والمعرفة. يدعم هؤلاء القائلين بالتوفيق العملي العديد من الأمثلة التاريخية لمفكرين مسلمين بارزين أمثال ابن رشد وابن خلدون وغيرهم الكثير ممَنْ جمعوا بين معرفتهِم الواسعة بالمبادئَ الدقيقة للعِلْم وبالمثل أيضًا كانوا حافظون لعُمُقهُم الروحية والفلسفية المرتكزة أساسأ عليها معتقدات إيمانية راسخة لدى المسلمين عبر قرون طويلة مضت حيث كانت حينها تُشجَّع وتُدَرَّس بجانب الدراسات الأخرويات الأخرى كالطب والكيمياء والرياضيات والفلك... إلخ... مما يؤكد مدى حرصه القدماء المسلمون للاستفادة القصوى واستغلال جميع موارد الحياة لتحسين واقع الإنسان وتعزيز مكانته الإنسانية بدون تجاوز حدود شرعه ولا انتهاكه لحرماته المعروفه بإجماع علماء الأمة الإسلامية مجددين بذلك ثقتنا الراسخة بأنه ليس هنالك تضارب أصلاً بل هو مصطنع وقد تم نسجه بناءً علي افتراضات خاطئة مبنية علي تقديرات مغلوطة تجاه كل واحد منهما كمفردتين مستقلتين غير قادرتان بالفعل علي تحقيق توازن مطلوب منها لو أخذ حساب الجهة الأخرى موضع اعتبار جدي أثناء عملية وضع فرضيات الاحتمالية المحتملة لذلك سينتج بالتالي حالة جديدة تسمي "تنوع" فهو خير دليل علي صلاحيتها وقدرتها المشتركة نحو إنتاج حلول علمانية مفيدة للإنسان دون خسائر معنوية أو اجتماعية كان لها وقع سلبي سابق قبل ظهر ظاهرة تبني حديث حديث باتجاه اقناع الناس بفائدتها العملية والمردود المستقبلي المبشر بهذه المنظومة المقترحة تحت اسم "النظام المعرفي العالمي الجديد".
وفي الختام، فإنّ طرح فكرة الصدام بين الدين والعلم يبقى مجرد فرضية تخالف الواقع التاريخي والحالي للأمر الواقع والذي يوحي بأن قدرة البشر مجتمعا تستطيع الوصول لصيغة مشتركة تحقق المصالح العامة للأمّة بشرط توفر شروط الجدلية المثلى لانطلاق رحلة بحث مشترك هدفها الأول والأخير خدمتنا نحن بني آدم بغض النظرعن اختلاف عقيدتنا الدينية طالما بقيت نواياه حسنة ولم يقصد منها خداع الآخر وإلحاق ضرره مادياً ومعنوياً.