- صاحب المنشور: بشار البدوي
ملخص النقاش:
تواجه العديد من البلدان العربية تحديات اقتصادية كبيرة أدت إلى ارتفاع معدلات الفقر خلال السنوات الأخيرة. يعود هذا الوضع المعقد لأسباب متعددة ومتداخلة تمس جوانب مختلفة تشمل سياسات الحكومات المحلية والتغيرات العالمية والديموغرافية. وفيما يلي تحليل مفصل لهذه الظاهرة ومناقشة لتداعياتها على المدى الطويل.
يُعتبر الاقتصاد الكلي للحكومات أحد أهم العوامل الرئيسية المؤثرة في مستويات الفقر داخل المجتمع العربي. فالاختلالات المالية الناجمة عن عدم كفاءة الإدارة والاستثمار غير الحكيم قد تؤدي إلى تراجع القدرة الشرائية للمواطنين وزيادة البطالة، وبالتالي زيادة نسبة الفقراء. كما تلعب السياسات الضريبية جانبًا حاسمًا هنا؛ فإذا كانت هذه السياسات تفوق قدرة المواطن البسيط تحملتها، فإن ذلك سيؤثر بلا شك على دخله ويضعه تحت خط الفقر. بالإضافة لذلك، فإن سوء إدارة موارد الدولة الطبيعية وانخفاض إنتاجيتها مقارنة بدول أخرى مشابهة يمكنهم أيضا المساهمة بتفاقم مشكلة الفقر.
ومن جهة أخرى، توفر الاضطرابات السياسية والأزمات الداخلية بيئة مناسبة لنمو وتفشي الفقر بسبب تأجيل المشاريع الإنمائية أو إلغائها تماما. وقد أثبت تاريخ المنطقة أنه كلما زاد التوتر السياسي الداخلي قل استقرار وضعف فرص تحقيق تقدم اجتماعي واقتصادي طال انتظاره. إن غياب الاستقرار الأمني يهدد كذلك بتهجير سكان مناطق كاملة مما يتسبب بنشوء جيوب فقيرة جديدة مع مرور الوقت.
التبعية الاقتصادية
إن الاعتماد الزائد والمستمر للبلدان العربية على صادرات النفط الخام يشكل عائق كبير أمام تنويع قواعدها الاقتصادية وخلق فرص عمل مستقرة بعيدا عن تقلبات سعر برميل النفط واحتمالية تعرضه لعوامل خارجية ضاغطة مثل المنافسة بين المنتجين العالميين. وهذا بدوره يؤدي بطبيعة الحال لاستمرار حالة الاعتماد السلبي والتي تساهم بمزيد من توسيع رقعة الفقراء أكثر فأكثر خاصة إذا لم يتم اتخاذ إجراءات احترازية للدعم الاجتماعي واستدامة مصادر الدخل الأخرى كالزراعة والصناعات التحويلية وغيرها.
تأثيرات ثقافية واجتماعية
لا تقتصر آثار الفقر على الجوانب الاقتصادية فقط بل تمتد لتشمل مجالات صحية وثقافية وتعليمية أيضًا. حيث ترتفع احتمالات انتشار الأمراض المعدية بين صفوف السكان الذين يعيشون ظروف حياة بائسة ويعانون نقص الخدمات الأساسية والبنية التحتية اللازمة لحماية صحتهم العامة وصحة أبنائهم. وعلى الجانب التعليمي يجد هؤلاء الطلاب صعوبة بالمضي قدمًا نحو تحصيل علمي جيد نظرا لقلة وسائل الاتصال الحديثة والمصادر التعلمية المتنوعة مقارنة بأقرانهم ذوي الطبقات العليا اجتماعيا وغني ماديا.
ختاماً، فإن حل مشكلة الفقر لدى دول الشرق الأوسط لن يأتي عبر وصفة جاهزة واحدة وإنما تتطلب مجهودات مضنية وعمل دؤوب يشمل جميع القطاعات ذات الصلة سواء تلك الحكومية منها أم الخاصة. ومن الواجب توعية الأفراد بحقوقهم وكيفية المطالبة بها ضمن نطاق القانون وضمان حقوق الإنسان والحريات المدنية لهم ولأجيال لاحقة حتى تستطيع مجتمعاتها النهوض والازدهار مجددًا بعد سنوات طويلة عجاف مرّت عليها.