- صاحب المنشور: سنان الموساوي
ملخص النقاش:
في العصر الرقمي الحديث الذي تعج فيه الحياة بأحدث التقنيات المتطورة ومزاياها بلا حدود، يبرز تساؤل مهم حول مدى تأثير هذه الثورة التكنولوجية الهائل على هويتنا الثقافية. إن استكشاف هذا الموضوع يتطلب نظرة متعمقة لتحديد كيفية تحقيق توازن دقيق يحافظ على تراثنا وثوابتنا التقليدية مع تبني فوائد الابتكار التكنولوجي.
بداية، يعد فهم قيمة ثقافتنا وفلسفتنا الخاصة أمرًا حاسمًا للحفاظ عليها وسط الاندفاع العالمي نحو عصر المعلومات والانترنت. تتأصل جذور الكثير من تقاليدنا في القيم والمعتقدات التي امتدت عبر قرون وأجيال متعاقبة، وهي جزء لا يتجزأ مما نكون عليه كبشر. تُعد احتضان وتطبيق هذه التوجهات الروحية والأخلاقية خطوة ضرورية لضمان بقاء انتمائنا إلى مجتمعاتنا الأصلية أقوى بكثير من أي تقدم تكنولوجي مهما بلغ شأنه. لذلك فإن إدراك أهمية التعلم المستمر لهذه الأعراف والقيم الأساسية يمكن أن يساعد الأفراد والمجتمعات المحلية على تقدير الفروقات الفريدة لديهم مقارنة ببقية العالم الخارجي.
وعلى الرغم من كون التطور العلمي والتقنية هما محركان رئيسيان للنمو الاقتصادي والتقدم الاجتماعي، إلا أنه قد ينجم عنه أيضًا آثار محتملة تضر بتماسك المجتمع وانتماء أعضاءه لهويتهم الجماعية. فعلى سبيل المثال، أصبح الإنترنت الآن أكثر انتشاراً وصلابة داخل شعوب العديد من الدول العربية حتى أنها باتت تشكل مصدر رزق لهم؛ لكن تأثيرات ذلك تمتد كذلك لأبعد من مجرد المكاسب المالية حيث تؤدي زيادة استخدام شبكة الانترنيت واستخدام وسائل التواصل الاجتماعية المختلفة إلى تغيير عادات المجتمع وعاداته اليومية بشكل كبير وقد يؤثر تلك بالتالي على تماسك روابط الأسر والعائلات فيما بين أفرادها وعلى روح الأخوة والحوار البناء داخلهم أيضا بسبب عدم وجود تواجد مباشر وشخصي كما كان الوضع سابقاً قبل ظهور الشبكات العنكبوتية الحديثة . ولذلك فإن مراعاة التأثير المحتمل للتغيير الناجم جرّاء التقدم العلمي مطلوب بشدة عند تحديد سياسات مواجهة هذه الظاهرة الجديدة والتي غالبا ستفرض نفسها خلال العقود المقبلة .
ومن منظور آخر، تعد توظيف تقانة المعلومات الحديثة إحدى الوسائل المفيدة لمقاومة أي انهيار للجذور وبقاء الأصالة قائمة أمام هيمنة مظاهر الغربانية وما يستتبع ذلك من انغماس الشباب العربي وغير العربي تحت وطأة أمواج الكونية الشاسعة تلك!. إذ يمكن دعم وتعزيز الجانب التاريخي والإنساني والثقافي للشخصيات العامة المؤثرة اجتماعيًا باستخدام أدوات رقمية مبتكرة كمواقع المشاريع الإلكترونية الشهيرة مثل "ذا ويكيبيديا" وكذلك مختلف المنصات الأخرى المصممة خصيصا لهذا الغرض سواء أكانت خدمة فيديوهات قصيرة أو مقالات إلكترونية مصورة ولوحات مواقع رسمية تابعة لعناصر مؤسسية مختلفة ذات طابع محلي وهكذا دواليك... إلخ ..فالهدف العام منها جميعها يتمثل بالحفاظ على ذاكرة الشعوب ومن ثم العمل بنشاط أكبر لنقل المعرفة للأجيال التالية ضمان بذلك انتقال موروث الأمجاد القديمة جيلا بعد جيل! وفي المقابل، يتعين ألّا يغفل ذوو الاختصاص أن هناك حاجة ماسّة لإيجاد طريقة مناسبة لدمج عناصر معرفية جديدة تتناسب وجوهر الدين الإسلامي بغاية منع وقوع تنافرات منهجية قد تهدِّد بإحداث شرخٍ عميق لدى مستقبل أمتنا الإسلامية جمعاء حال ترك الأمر بدون إجراء تصحيحات منظمة مبكرآ.
ختامًا، يكمن الحل المثالي لحماية تراث بلداننا وغرس مفاهيم وطنيتها ضمن مجريات عالم رقمي متنوّع ومتنوع روافده بصورة عامة وذلك بالإلتزام بحفظ هُويتُها الأصيلة رغم كل الصعوبات المطروحة الآن وصعود موجة المد الدولية غير المسبوقة سرعتها سرعة البرق فور دخول القرن الواحد والعشرين ميلادي الجديد فقد جاء دوركم أخيرا أيها الأحرار الأحباب للمساهمة بخلق نهضة شاملة