- صاحب المنشور: حميدة العياشي
ملخص النقاش:
يُعدّ موضوع العلاقة بين العلم والدين أحد أكثر المواضيع جدلية وتشويقا في الفلسفة المعاصرة. فمنذ ظهور علوم الطبيعة الحديثة والآثار التي تركتها على المجتمع البشري، طرحت تساؤلات حول مدى توافقهما أو تناغمهما مع تعاليم الديانات المختلفة. هذا الحوار ليس جديداً؛ فقد كانت هناك محاولات تاريخية متعددة لنقد ديناميكيات هذه العلاقة سواء بإيجابيتها أم سلبية.
في الفكر الإسلامي تحديدًا، يعتبر القرآن الكريم مصدر إلهام للعلماء المسلمين القدماء الذين قدموا إسهامات كبيرة في مجالات مختلفة مثل الرياضيات والفلك والطب وغيرها وذلك تأسيسًا منهج "العلم بالنظر". يقول تعالى في كتابه العزيز : "
بيد أنه عندما يأتي الحديث حول توضيحات مفصلة للنصوص المقدسة مقارنةٌ بالنظريات العلمية الحديثة، قد تبدو الأمور غامضة بعض الشيء مما يؤدي بطبيعة الأمر لظهور الجدل والتباينات داخل الأوساط الإسلامية نفسها بشأن كيفية فهم هذه العلاقات. ويبدو واضحاً حين يتعلق الأمر بفهم الواقع البيولوجي للإنسان وحرمته وجود اختلافات عميقة الأساس بل ومباشرة بنيوياً ضمن مظلة واحدة هي الشريعة الإسلامية. إلا انه تبقى حقيقة ثابتة وهي ان نصوص الوحي المنزل جاءت شاملة لكل زمان ومكان وبالتالي فان قدرة البشر على الاجتهاد فيما لم يرد فيه نص مباشر تعد حق مشروع شرط عدم مخالفته لما هو قطعي الثبوت والتحقق .
ولكن كيف يمكن الجمع بين العالم المادي الذي يعرفه العلم والمعقول الخالص والذي تعتبر تدينه جزء أساسى للفكر الإسلامي ؟ وهل تمثل التأويلات التقليدية تقديرا مهووسا بتفسير كل الظواهر الكونية استنادا فقط لعبارات قرآنية مبهمة نسبيّا ؟ أم ان الباب مفتوحة دائماً أمام إعادة قراءة جديدة تأخذ بعين الاعتبار رؤى علمانية أخرى بدون المساس بشرعية العقيدة ؟إن مصداقيتنا تجاه أولئك اللذين يشككون بصحة الانسجام المطلق بين هذين المجالا التعقيدي مختلف تماما عكس الذين يؤمنون بلا حدود بأن المشروع الاسلامي قادرعلى مواكبة جميع الامور المستقبلية بكل سهولة ويسر ،حيث نجد الحل الوسط لدى المفسرین المتنورین ممن يستخدم فن الاستعارات والمبالغات الشعريه الرائعه فى وصف خلق الله عز وجل كما ورد ذلك بالسورة التالية :" وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا مُوسِعُونَ" [الذاريات:47] وكذلك قوله سبحانه وتعالى: