- صاحب المنشور: كشاف الأخبار
ملخص النقاش:
في السنوات الأخيرة، شهدت المنطقة العربية تحولا ملحوظا نحو اقتصاد رقمي ناشئ. هذا التحول ليس مجرد اتجاه عابر ولكن له جذور متجذرة في التكنولوجيا الحديثة والرغبة المتزايدة بين الشركات والأفراد لاستخدام الحلول الرقمية. يشمل الاقتصاد الرقمي مجموعة واسعة من المجالات مثل التجارة الإلكترونية، الخدمات المصرفية عبر الإنترنت، التعليم عبر الإنترنت، العمل الحر الرقمي، وإنترنت الأشياء. حيث توفر هذه القطاعات فرص عمل جديدة، وتسهم في زيادة الإنتاجية، وتعزز القدرة على المنافسة عالميا.
أحد أهم العوامل التي تساهم في نمو الاقتصاد الرقمي هو انتشار استخدام الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة في جميع أنحاء المنطقة. وفقا لدراسة أجرتها شركة جوجل عام ٢٠١٩، بلغ معدل الوصول إلى الإنترنت باستخدام الهاتف المحمول حوالي ٦٢٪ داخل البلدان العربية. كما تشير بيانات البنك الدولي إلى ارتفاع عدد مستخدمي الإنترنت منذ عام ٢٠١۰ بمعدل ١٥٣ مليون شخص إلى أكثر من ٢٨٤ مليون بحلول نهاية العام الماضي - وهو تضاعف تقريبا خلال عقد واحد! وهذا الرقم يتوقع أن يتضاعف مرة أخرى بحلول العام ٢٠۲۵ نظرًا لزيادة توافر شبكات الجيل الخامس وارتفاع معدلات التحضر.
بالإضافة لذلك، فإن دعم الحكومات للابتكار التكنولوجي وتشجيع رواد الأعمال يعد عامل حاسم آخر يساهم في تعزيز بيئة أعمال مواتية للاقتصاد الرقمي بالمنطقة العربية. فعلى سبيل المثال، أعلنت الإمارات العربية المتحدة عن خطط لتخصيص USD20 مليار أمريكي لإطلاق برنامج "الاقتصاد الجديد"، والذي يهدف إلى تحويل البلاد إلى دولة قائدة عالمياً في مجالات الثورة الصناعية الرابعة والحوسبة الكمية وغيرها مما يتعلق بأحدث التقنيات المستقبلية. وبالمثل، قامت المملكة العربية السعودية بتعزيز مساعيها لجذب الاستثمارات الأجنبية وإطلاق مشاريع رائدة كجزء من رؤية ٢۰۰۳۰ الطموحة للأمة والتي تركز بشدة على تحقيق الاكتفاء الذاتي والاستعداد للمستقبل الرقمي.
مع ذلك، رغم كل تلك المؤشرات الواعدة، لا تزال هناك تحديات كبيرة تواجه تطوير واستدامة نموذج الاقتصاد الرقمي الحالي في الدول العربية. فمثلاً، يُعاني العديد من الأفراد والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم من نقص المهارات اللازمة للتكيف مع البيئات الرقمية الجديدة. ويُشير كثير منهم أيضا للمخاطر المرتبطة بالأمان السيبراني والإجراءات القانونية غير الوضوح فيما يتعلق بالقوانين الخاصة بالتكنولوجيا المالية والبيانات الشخصية وما شابه. بالإضافة لهذه العقبات، تبقى قضية الوصول العالمي إلى خدمات الاتصالات الأساسية واحدا من أكبر القضايا الملحة لحكومات بعض دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، خاصة وأن أقل من خمس السكان لديهم حاليًا اتصال مباشر بشبكة الانترنيت بسبب محدودية البنية التحتية أو انخفاض الدخل الفردي الذي يؤثر بشكل سلبي على قدرتهم للاستثمار في تزويد المنازل والمكاتب بجهاز لاسلكي حديث ومناسب.
وفي النهاية، إن مواجهة التحديات الناجمة عن الانتقال نحو ثورة رقمية كاملة تتطلب جهوداً مشتركة ومتكاملة من جانب الحكومات والشركات والمجتمع المدني والمواطنين themselves. ومن الضروري العمل سوياً لتحسين مهارات سوق العمالة العربية وخلق حلول مبتكرة لمشاكل الأمن السيبراني والدعم التشريعي. وفي الوقت ذاته، يجب توسيع نطاق تغطية شبكة الانترنت حتى يصل الجميع لفوائد عصر المعلومات الثانوي الجديد بهذا الشكل الذي يستحقونه حق الاستحقاق الطبيعي لهم وللحفاظ علي التطور المستمر لهذا النوع الجديد من الاقتصاد .