- صاحب المنشور: كشاف الأخبار
ملخص النقاش:
تُعدُّ المفاهيم الحديثة المتعلقة بعلاقات الدول بين الدبلوماسية التقليدية والقوة العسكرية أمرًا بالغ الأهمية لفهم التفاعلات الدولية المعاصرة. واحدة من هذه المفاهيم هي "القوة الناعمة"، التي طوّرها خوسيه أغوبالدي وأبرزها جوزيف ناي في كتابهما الشهير عام ١٩٩٠. تقوم فكرة القوة الناعمة على استخدام وسائل غير عسكرية - مثل الثقافة والاقتصاد والدعاية - لتحقيق التأثير والمردود المرغوبين خارج الحدود الوطنية للدولة المانحة لها. تختلف هذه الطريقة جذريا عن الاعتماد الكلي على القوة الصلبة أو الجيش باعتباره الوسيلة الوحيدة لإنجاز السياسة الخارجية للدول. وفيما يلي تحليل مفصل لهذه الظاهرة ومناقشة لأثرها الحالي والمستقبلي ضمن المشهد السياسي العالمي المتغير باستمرار.
تعمل القوة الناعمة بصمت وتؤثر بطرق مباشرة وغير مباشرة على الرأي العام المحلي والوطني والإقليمي والعالمي للشعب المستهدف. تشمل بعض الأمثلة البارزة للقوة الناعمة تأثير الأفلام الأمريكية والبرامج التليفزيونية والشخصيات الرياضيين العالميين كأيقونات ثقافية شهيرة عالميا؛ كذلك تمتد تلك الفعالية أيضا لتشمل قوة الصناعات الإعلامية العملاقة والتي تمكنها من فرض رؤيتها الخاصة حول أحداث مختلفة عبر شبكة الإنترنت والتلفزيون والأفلام الوثائقية المنتشرة حاليًا بكثرة بمختلف اللغات العالمية المختلفة مما قد يترك تأثيرات سياسية عميقة المدى بالنسبة لوطن معين مقارنة باستخدام قوات الجيش النظامي للمواجهة المباشرة والمباشر تجاه دولة أخرى ذات توجه مختلف سياسيا واجتماعيا واقتصاديا.
تتمثل إحدى المجالات الرئيسية المؤثرة بالقوة الناعمة فيما يسمى بوسائل الإعلام الجديدة والتي تتضمن مواقع التواصل الاجتماعي ومنصاتها الإلكترونية متعددة الاستخدام حيث أثبت دورها فعاليته خاصة خلال الثورات والحروب والصراعات الداخلية للأمم الأخرى حيث يمكن لمنظومة تكنولوجيا الاتصال الحديثة اليوم نقل المعلومات بسرعة كبيرة ومشاركة محتوى مرئي حي وشامل للحظة الحدث بالإضافة لإمكانية نقله بلغات عدة وهو الأمر الذي يشكل نوعاً جديداً تماما للإعلام الحربي المستخدم ضد الحكومات بهدف إسقاط نظم حكمها القائمة منذ عقود طويلة وهكذا فإن قدرتها التدميرية تكافئ وإن لم تبدو بنفس الشدة الملموسة لحرب تقليدية لكن نتائجها السياسية تكون غالبا أكثر دواما واستدامة .
إن العامل الآخر ذو الأهمية القصوى يتعلق بتأثير التعليم والثقافة إذ تعد التربية جزء أساسياً لتنمية الشعور الوطني لدى مواطني أي وطن كون التعرض مبكر للفنون الأدبية والفنية والرياضية والمعرفية العلمية يؤدون لدعم الولاء لمعتقداته وقيمه وبالتالي تعزيز قبوله بالتوجهات الرسمية المعلنة حيال أفكار وآراء خارجية متنوعة المصدر وقد تعددت الدراسات الأكاديمية لما لذلك من تأثيرات واسعة الانتشار داخل المجتمع الدولي برمته مما جعل منه ظاهرة مثيرة للاهتمام نظرًا للتغيرات الجذرية الواضحة أثناء فترة زمنية قصيرة نسبياً مقارنة بالأجيال السابقة قبل انتشار شبكة الانترنت وانفت