في الحديث النبوي الشريف الذي رواه مسلم والبخاري، أكد النبي محمد صلى الله عليه وسلم بأن لكل نفس أجل مكتوب حسب مشيئة الله عز وجل. وكذلك، ورد في القرآن الكريم ذكر أنه "كل نفس ستذوق الموت". هذه المقادير محددة ومعروفة لدى الخالق جل وعلا منذ خلق السموات والأرض.
ومع ذلك، فإن الله تعالى قد جعل الأمور تحدث عبر أسبابها الطبيعية. فالوفاة يمكن أن تكون بسبب مرض، أو حادث، أو أي سبب آخر. حتى عندما يكون الشخص مصاباً، فهو حر في البحث عن العلاج والتعافي، لأن الله هو المعطي والمعتصم. وقد حذرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه لو مكثنا ساكنين في بيوتنا أثناء فترات الفتح والاستشهاد، لكانت تلك الأحداث نفسها تحدث لنا حيث كُتب القدر.
أما فيما يتعلق بالسؤال حول كون موت المرء خارج مدينته الأصلية أفضل بالنسبة إليه، فقد ورد حديث صحيح عن عبد الله بن عمرو بن العاص يدعم هذا الاعتقاد. وفقا لهذا الحديث، فإن الرجل الذي يموت بعيدا عن مكان ولادته سوف يتم تقديره بتلك الرحلة التي قطعها بين موقع الولادة وآخر نقطة وصل إليها قبل وفاته كمقدار يساويه من نعيم الآخرة. وهذا يدل على فضل الحياة الطيبة والثبات عليها حتى وإن كانت خارج حدود الوطن الأصلي.
وعندما يتعلق الأمر بالتأخير المحتمل للعلاج بناءً على طلب أحد أفراد الأسرة المتوفى مؤخرا -كما اقترحت القضية المقدمة هنا- فلا يوجد خطأ شرعا في القيام بذلك بشرط عدم وجود ضرورة ملحة تستوجب الاستعجال بالحصول على الخدمات الطبية اللازمة. فالتداوي سنّة وليس فرضاً إلا إذا ثبت وجود خطر وشيك يستوجب التدخل الفوري والعاجل للحفاظ على حياة الشخص المصاب. وفي حالة الوالد المتوفى، يجب الدعاء له بالمغفرة والإحسان وتعزيز إيمانه برحمته الواسعة. نسأل الله الرحمة لأبيكم وأن يجازيه خير جزائه في الدار الأخرة.