- صاحب المنشور: بلال الرفاعي
ملخص النقاش:
مع استمرار نمو السكان العالمي وتزايد الطلب على موارد المياه، يواجه العالم اليوم أزمة مائية حادة تشكل تهديدًا كبيرًا للمجتمعات ومناطق الزراعة والبيئة. هذه الأزمة ليست مجرد مسألة نقص كمية المياه المتاحة؛ بل هي أيضًا نتيجة لعدم كفاءة استخدامها وعدم القدرة على توفير خدمات مياه نظيفة وبنية تحتية مناسبة للعديد من المناطق حول العالم. سنناقش هنا طبيعة هذه الأزمة وكيف يمكن معالجتها.
الطبيعة المعقدة للأزمة
- الزيادة السكانية: وفقًا لتوقعات الأمم المتحدة، سيصل عدد سكان الأرض إلى حوالي 9.7 مليار نسمة بحلول عام 2050، مما يعني زيادة كبيرة في الطلب على المياه لأغراض الشرب والصرف الصحي والزراعة وغيرها من الاستخدامات الأساسية للحياة البشرية. هذا الضغط يتفاقم بسبب التحضر السريع الذي يؤدي غالبًا إلى توسع المدن بشكل غير مخطط له مما يؤثر سلبًا على توافر المياه الجوفية ويقلل من قدرة البيئة الطبيعية على التعافي بعد فترات الجفاف.
- التغير المناخي: أحد أهم العوامل المؤثرة في أزمات المياه هو التغير المناخي الذي أدى إلى تقلب أكثر خطورة في أنماط هطول الأمطار وقوة الأعاصير والكوارث الطبيعية الأخرى ذات الصلة بالمياه مثل الفيضانات والجفاف والجليد الذائب. كما يساهم ارتفاع درجات الحرارة عالميًا في سرعة تبخر الماء من المسطحات المائية المفتوحة مثل البحيرات والأنهار والبحر، بالإضافة إلى زيادة الرغبة بإنتاج محاصيل زراعية تتطلب المزيد من المياه للبقاء صحيحة خلال مواسم الحر القاسية.
- تلوث المياه: يعدّ تلويث المياه مصدر قلق رئيسي آخر حيث تُستخدم العديد من مصانع التصنيع وأنشطة تعدين الفحم والمعادن الثقيلة بدون رقابة فعالة قد تضر بصحة العامة عبر تلوث شبكات الأنابيب الرئيسية بمياه شرب عادمة أو حتى بالتسبب مباشرة بأمراض مرتبطة بتجمعاتها المحلية داخل بيئات رطبة بأشكال مختلفة (كالأراضي المستنقعية مثلاً). وقد أثبت العلم الحديث ضرراً واضحاً لهذه المخلفات الكيميائية والعضوية والسامة طويلة المدى والتي تساهم مجتمعياً في خلق مناطق خصبة للجراثيم الضارة التي بدورها تطورت لتكون مقاومة للعلاجات الدوائية التقليدية.
الحلول المحتملة
لكبح جماح هذه المشكلة الخطيرة، هنالك عدة حلول متاحة ولكن بعضها الأكثر فاعلية يعبر حدود الدول وهي تستدعي تعاون دولي واسع النطاق وشامل:
* تنظيم الموارد بشكل أفضل: ينبغي العمل على تحسين إدارة المصادر الموجودة حالياً وذلك باستخدام تكنولوجيا التحكم الحديثة والحفاظ عليها بطرق مستدامة وخفض معدلات الهدر الحالي خاصة وأن البيانات المتوفرة توضح أنه وفي كثيرٍ من البلدان فإن جزء كبير جدًا -في واقع الأمر- يفلت دون حساب عند مراقبة تدفقات واستهلاك الطاقة المستخدمة لاستخراج المياه وتحويلها والتخلص منها لاحقاُ.
* إعادة التدوير والاستعادة: إن إعادة تدوير وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي المُعالجة قبل طرحها مرة أخرى للاستهلاك العام يُعتبر خيارا فعالاً لتحقيق الاكتفاء الذاتي خصوصاً بالنسبة للدول الصغيرة ذات الأقليات السكانية نسبياً كتلك الواقعة ضمن منطقة الشرق الأوسط / شمال أفريقيا ("MENA").
* أنظمة الإرشاد: تطبيقات برمجيات ذكية تعتمد المعلومات الواقعية الحالية لحالات الأحوال الجوية والظروف الاجتماعية لكافة المجتمعات المحلية لدعم اتخاذ القرار بشأن سياساتزارعت أصناف مُختبرة مُسبقاَ تلبي طلب السوق دون تفريط بمبدأ الاقتصاد المعتدل للمياه .
هذه مجرد أمثلة قليلة لما يمكن القيام به كي نواجه خطر "العصر المائي" القادم ولابد لنا جميعا كمجتمع عالمي واحد من الاعتراف بهذا الخطر واتخاذ خطوات نحو تغيير ثقافتي حياتنا وعاداتنا اليومية بما يحقق رؤيتنا المستقبليّة تجاه حقوق الجميع بالحصول الآمن والمست