- صاحب المنشور: هبة الحساني
ملخص النقاش:
في عصر تتزايد فيه الحاجة إلى الوعي والمعرفة، يبرز دور التعليم باعتباره الأساس الذي تقوم عليه المجتمعات المتقدمة. فالتعليم ليس مجرد حصول على شهادة أو مهارة؛ بل هو الحق الأول والأكثر أهمية لكل فرد، وهو أساس التنمية البشرية والتقدم الاجتماعي. ولكن عندما ننظر إلى الوضع الحالي لحقوق الإنسان حول العالم، نجد أنه رغم الأهمية الكبيرة للتعليم، إلا أنه غالباً ما يتم حرمان الكثيرين منه بسبب القيود الاجتماعية، الاقتصادية والثقافية التي تحد من الوصول إليه.
تقول الأمم المتحدة إن "كل طفل لديه الحق في تلقي تعليم جيد". هذا البيان واضح وصريح، ولكنه يبقى نظرياً إذا لم ينبثق عنه سياسات وممارسات فعالة تضمن تحقيق هذا الحق. فالعديد من الدول الأفريقية وآسيوية وأخرى نامية تواجه عقبات هائلة تمنع الأطفال والمراهقين من الحصول على التعليم basic. هذه العقبات تشمل الفقر، الحرب والصراع المحلي، العادات الثقافية التقليدية التي تحرم الفتيات من التعلم وغير ذلك من العراقيل التي تؤثر تأثيراً كبيراً على استدامة العملية التعليمية.
بالإضافة لذلك، فإن نوع الجنس يلعب دوراً رئيسياً في تحديد فرص التعليم. وفقاً لتقرير اليونسكو لعام 2018، هناك أكثر من 94 مليون بنت خارج نظام المدارس في جميع أنحاء العالم. بينما هناك أيضاً معوقات أخرى مثل عدم توفر البنية الأساسية المناسبة للمدارس وتدريب المعلمين بشكل غير كافٍ. كل تلك العوامل تحد من قدرة الطالب على الحصول على جودة عالية من التعليم وبالتالي تقيد فرصته المستقبلية في الحياة.
أما بالنسبة للدول الغربية، فقد تكون المشاكل مختلفة قليلاً لكن تأثيرها بنفس القدر من الخطورة. هنا قد نواجه مشكلة التدريس حسب القدرات الفردية حيث يمكن اعتبار بعض الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة أقل قيمة ولا يحصلون على فرص متكافئة للحصول على خدمات دعم خاصة بهم مما يؤدي إلى تفاقم الفجوات بينهم وبين زملائهم الذين لديهم مستوى أعلى من الدعم الأكاديمي.
إلى جانب ذلك، يأتي الجانب الاقتصادي مرة أخرى كمصدر للتوتر. الكثير من الشباب والشابات يواجهون قرار الاختيار بين العمل والدراسة. وفي كثير من الأحيان، يختارون المغادرة مبكراً للحصول على وظيفة لتغطية احتياجات عائلتهم المالية الضرورية خصوصا في البلدان النامية. وهذا يعكس أيضا مدى ارتباط التعليم بالفقر وعدم المساواة الاقتصادية داخل المجتمع الواحد.
أخيراً وليس آخراً، يعتبر الإلغاء الذاتي أحد أكبر المخاطر التي تهدد مستقبلنا الوظيفي. مع ظهور التكنولوجيا الحديثة وانتشار الروبوتات الآلية والتي تقوم بتنفيذ العديد من الأعمال اليومية، أصبح الأمر أكثر دراماتيكية. يتطلب هذا التحول المهني مواصلة التعلم والاستثمار باستمرار لتحقيق نجاح محتمَل عبر مسارات جديدة ومتغيرة باستمرار ضمن سوق العمل العالمي.
في النهاية، سواء كان الأمر يتعلق بحقوق الإنسان الأساسية والجذور التاريخية لهذه المشكلة العالمية، أو بالأبعاد السياسية والاقتصادية المؤثرة عليها الآن وعلى نحو متوقع في المستقبل، تبقى قضية التعليم قضية ملحة تستوجب اهتمام الجميع لاتخاذ إجراءات فعالة وطويلة المدى لضمان حياة أفضل للأجيال القادمة.