- صاحب المنشور: كشاف الأخبار
ملخص النقاش:
تواجه المجتمعات الحديثة اليوم مجموعة واسعة ومفصلة من التحديات المتعلقة بالأخلاق الرقمية. هذه المعضلة تتجذر في عدة جوانب رئيسية، لكنها تركز أساساً على قضايا اثنتين: حماية خصوصية الأفراد في العالم الرقمي والتعامل مع أخلاقيات تطوير وتطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي (AI). يعتبر كلتا هاتين القضيتين ذات أهمية كبيرة لأنها تؤثر مباشرة على حقوق الإنسان الأساسية وكيف نتصور مستقبلنا المشترك كأفراد ضمن مجتمع رقمي مترابط ومتصل.
فيما يتعلق بحماية الخصوصية، أصبح الإنترنت مكانًا يشهد فيه الكثيرون انتهاكات لحرمتهم الشخصية يوميًا. مع زيادة استخدام البيانات الكبيرة وتحليلها بواسطة الشركات والمؤسسات الحكومية والعصابات الإلكترونية وغيرهم ممن لديهم القدرة التقنية للوصول إلى المعلومات الشخصية للأفراد، فإن الضمانات القانونية الحالية لم تعد قادرة بمفردها على مواجهة هذا الوضع الجديد المعقد. تصبح مسألة خصوصية الفرد أكثر تعقيداً عندما يتم دمج تقنيات مثل التعلم الآلي وخوارزميات الذكاء الاصطناعي التي يمكن استخدامها لجمع وتفسير بيانات شخصية حساسة بطرق ربما تخالف القوانين المحلية والدولية الخاصة بحماية البيانات. مثال بارز هنا هو كيفية جمع واستخدام البيانات الجغرافية الدقيقة في الخدمات عبر الهاتف المحمول أو مواقع التواصل الاجتماعي، حيث قد يؤدي ذلك إلى تهديد حرية التنقل والتعبير لأشخاص تحت ضغوط سياسية مختلفة حول العالم.
على الجانب الآخر، تشكل أخلاقيات الذكاء الاصطناعي تحدياً آخر مهم ويستحق الدراسة. فنحن الآن نشهد ظهور نماذج ذكية للغاية تستطيع فهم اللغة البشرية والإبداع والفكر المنطقي. بينما يعد هذا تقدماً مذهلاً في تاريخ العلوم الإنسانية والحاسوبية، إلا أنه يجلب معه أيضاً العديد من المخاوف بشأن تأثير هذه النماذج الجديدة المحتملة على الوظائف البشرية والقيم الاجتماعية والأخلاقية. فعلى سبيل المثال، هل سيكون بإمكان روبوتات خدمة العملاء المستندة إلى الذكاء الاصطناعي تقديم نصائح تناسب ثقافة العميل وتقاليده؟ كيف سنضمن عدم تحيز خوارزميات القرار اتخاذ القرار بناءً على معلومات غير كاملة أو متحيزة تجاه فئة اجتماعية وثقافية محددة؟ ثم هناك قضية المسؤولية؛ إذا ارتكب نظام مدعوم بالذكاء الاصطناعي خطأ جسيمًا أدى إلى وفاة شخص ما، فمن المسؤول - الشركة المصممة له أم البرنامج نفسه الذي قام باتخاذ قرار خاطئ نتيجة البرمجيات المستخدمة؟ وهذه مجرد بعض الأمثلة على المواقف الصعبة التي ستجد نفسها أمامنا بسبب انتشار تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي المتطور حاليا والتي تحتاج حلولا مبتكرة وفلسفية عميقة.
لذلك، توضح لنا الصورة العامة بأننا نواجه بالفعل مفترق طرق حاسم فيما يتعلق بأخلاقيات الانترنت والثورة الثورية في مجال الذكاء الاصطناعي. إن الحاجة ماسّة لإيجاد توازن بين تقدمنا العلمي والمعرفي وبقاء القيم الأساسية للإنسانية سائدة داخل بيئتنا الرقمية الواسعة الانتشار. ومن أجل تحقيق ذلك، يتوجب علينا الجلوس سويا لمناقشة هذه القضية باستفاضة أكبر واتخاذ إجراءات عملية نحو وضع إطار عمل شامل يحكم استعمال التكنولوجيا المستقبلي ويتوافق مع مبادئ العدالة والمساواة واحترام الخصوصية والكرامة الإنسانية للمستخدم النهائي للتكنولوجيا بغض النظر عن موقعه الجغرافي.