معجزة النبي عزير ودلالاتها: حكمة الله في بقاء الطعام وشراب بينما يتغير كل شيء آخر

في قصة النبي عزير التي رواها القرآن الكريم في سورة البقرة الآية 259، يروي لنا كيف أمات الله رجلًا لمدة مئة عام ثم بعثه ليجد نفسه وسط مدينة مدمرة قد عا

في قصة النبي عزير التي رواها القرآن الكريم في سورة البقرة الآية 259، يروي لنا كيف أمات الله رجلًا لمدة مئة عام ثم بعثه ليجد نفسه وسط مدينة مدمرة قد عادت للحياة مرة أخرى. يقول تعالى: "أو كمن مرّ على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه". عند بعثته، لاحظ النبي عزير تغيرات كبيرة: "فلما تبين له قال أعلم أن الله على كل شيء قدير"، فقد شاهد المدن المترامية وأهلها يعيشون حياتهم الطبيعية، وهو الأمر الذي جعل قلبه ينبض بالتساؤلات حول قدرة الخالق.

ومن أهم تلك التجارب التي شهدها النبي عزير هي حالة الطعام والشراب التي تركها حين اماتته. استمر الغذائيان -العنب والتين والعصار- كما هما بلا تغيير رغم مرور عقود طويلة. هنا تكمن علامة عجيبة تدعم إيمانه وتعكس قوة وقدرة الله: ""وانظر الى طعامك وشرابك لم يتسنه"". إن عدم تحلل الغذاء أو انتهاء صلاحيته خلال فترة غياب دامت قرن كامل يؤكد حكمته سبحانه بتسخيره للعناصر المحافظة والصيانة الطبيعية داخل المواد الغذائية. إنها لحظة فريدة ومفصلية للتأكيد على قدرة الرب الواحد الأحد بتنظيم العالم بما فيها قوانينه الكيميائية والفسيولوجية المعقدة.

وبالنظر أيضاً إلى حمار النبي عزير، نجد أنه تم إعادة إنشاؤه أيضا، مما أكسب التجربة عمقاً أكبر. وبذلك أصبح النبي عزير شاهداً حيّا على عظمة القدرة الإلهية واستعداد البشر لاستقبال المؤشرات المستقبلية للمعجزات والمعايشيات الإلهية. تشدد حكمة الله باستخدام مثل هذه الوقائع المُختارة لتحقيق التأثير الأكبر والأوضح للإنسانية. وبالتالي تصبح القصة درساً عميقاً حول محبةالله لعباده المؤمنين ورحمته بهم ورغبتهم في توثيق رؤيته لهم عبر مجموعة متنوعة من الأدلة والملاحظات الواقعية. إنها دعوة لكل مؤمن لإعادة النظر في أساليبه لفهم رسالات رب العالمين والتي تأتي بشكل دوري ومعنويات مختلفة لتناسب مختلف الثقافات والأزمان.


الفقيه أبو محمد

17997 مدونة المشاركات

التعليقات