- صاحب المنشور: جلول بن عزوز
ملخص النقاش:
في عالم يتزايد فيه الاعتماد على العلم والتكنولوجيا، يبرز تساؤل حاسم حول العلاقة بين الدِّين والعلم. هل هما متنافران تمامًا كما يوحي البعض، أم يمكن لهما التعايش والازدهار جنبًا إلى جنب كأوجه مختلفة لنفس الحقيقة الكلية؟ هذا الموضوع يشغل العديد من المفكرين والأفراد الذين يسعون لتقديم رؤية شاملة ومتوازنة لطبيعة العالم وفهمها.
من منظور تاريخي، شهدت العلاقات بين العلم والدين فترات متنوعة من المواجهة والصراع المتبادل والتعاون المشترك. فخلال النهضة الأوروبية مثلاً، كانت هناك محاولات لإعادة تقييم دور الكنيسة وكهنوتها في مواجهة ظهور الأفكار العلمية الجديدة التي تحدَّى بعضها معتقداتها التقليدية بشأن خلق الأرض والحياة والحركة الفلكية وما إلى ذلك. وقد أدَّى هذا الصدام الفكري إلى اضطهاد واستبعاد علماء بارزين مثل جاليليو غاليلي الذي واجه عقوبات قاسية بسبب آرائه التي تشكك بنموذج مركزية الأرض المطروح آنذاك والذي كان مدعوما بقوة من قبل المؤسسة الكنيسة الرومانية الكاثوليكية حينئذٍ. غير أنه مع مرور الوقت وانفتاح المجتمع الغربي أكثر نحو البحث والتفكير المنطقي، حدث تحول كبير حيث أصبح بإمكان الخلق الإسلامي والمسيحي قبول نظريات علمية جديدة تدحض أفكاراً قديمة وموروثة ذات أساس ديني خالص.
وعلى الرغم من هذه الفترات المضطربة نسبياً، فإن الكثير ممن يدرس التاريخ يعترفُ بأن معظم الشخصيات المؤثرة خلال عصر النهضة كانوا مؤمنين دينيا وبالتالي لم يكن لهم أي نية للتصادم مباشرة ضد المفاهيم الأساسية لديانتهم بل سعوا فقط لفهم الطبيعة بطرق أخرى مختلفة عما ألفوه سابقاً. بالإضافة لذلك فقد ظهر عدد كبير من الباحثين المسلمين أيضا الذين قدموا إسهامات كبيرة للثقافة الإنسانية وكانت أعمالهم مستمدة جزئيّا أو كلّيًا من خلفية إيمانية عميقة مما يدعم احتمال توافق العلم والإسلام بشدة خاصة إذا اتبع نهجا يقوم بتفسير الكتاب والسنة حسب المعارف الحديثة وليست بالعكس! وهذا يؤكد مدى قدرة هذين المجالين -العلم والدين-على العمل جنبا إلى جانب دون حدوث تضارب جذري طالما تم تناول القضايا بطريقة موضوعية ومنطقية مبنية على الأدلة والمعرفة المستقاة بكلتا الطريقتين "العقل والنقل".
ومن الجدير بالذكر هنا ضرورة التأكيد مجدداً بأنه ليس هنالك تناقض منطقي ملحوظ فيما بينهما شرط الأخذ بعين الاعتبار حجم الاختلاف الكبير الحالي بين فهم العامّة لكلا الجانبين الأمر الذي ربما يفسر وجود تعارض ظاهر لدى الجمهور لدى الحكم عليهما سويا بينما الواقع مختلفٌ تماما عند النظر إليه بصورة معمقة وشاملة تتعدى الرؤية الظاهرية سطحيا وتحليل مضامينهما الأصلية المدروسة جيدا بواسطة أهل اختصاص متخصصون جدير بهم الثقة واحترامهم كونهم من الوسطاء الأمثل لفهم طبيعتيهما حق فهمه وتأويله بما يحقق مصالح الجميع ويضمن عدم وقوع مزالق خطيرة نتيجة سوء تقدير أحد الرأيين بناء علي الصورة المغلوطة عنه والتي انتشرت مؤخراً بشكل واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من المنابر المفتوحة أمام جميع أشكال الآراء حتى وإن كانت مشوشة وضبابية المصدر!.
(ملحوظة: لاحظ استخدام علامات الترقيم المناسبة داخل الفقرات أثناء كتابتها كالنقاط والفواصل الزائدة قليلا عن المعتاد وذلك لما لها أهميتها القصوى خصوصا أثناء تقديم تفاصيل دقيقة تحتاج الي التركيز الشديد عليها لتجنب أي لبس محتمل قد ينتج عنها انطباع خاطئ للمتلقي المحتوي).