- صاحب المنشور: كشاف الأخبار
ملخص النقاش:
في قلب الحضارة الإسلامية التي امتدت عبر قرون عديدة وقارات متعددة, برز فن إسلامي فريد يمزج بين الجمال الأخلاقي والمعاني الروحية العميقة. هذا الفن ليس مجرد تعبير بصري بل هو جزء حيوي من ثقافة ترفض كل أشكال الاستغلال والإساءة الإنسانية المتعارضة مع القيم الواردة في القرآن والسنة الشريفة ومبادئ العدالة الاجتماعية.
يشكل الفن الإسلامي مرآة تعكس الاحترام للحياة البشرية والحفاظ على كرامتها كما أمر الله تعالى حيث قال:"إنما المؤمنون أخوة". يتجلى ذلك في استخدام الزخارف النباتية والأشكال الهندسية الغنية بالمعان الدينية والحياتية بدون تصوير بشري أو حيواني يخشى تحوله إلى عبادة للأصنام. يعبر التصميم البديع للمنسوجات والمخطوطات والمباني العملاقة مثل المساجد والقصور عن تقديس الحياة وفهم عميق لحقوق الآخرين.
بالإضافة لذلك، يلعب الأدب والفلسفة دورًا كبيرًا في ترسيخ هذه الحقوق أيضًا؛ فقد تناول الفلاسفة والصوفيون قضايا الحرية والكرامة الإنسانية وأبرزوا أهميتها ضمن منظومة شاملة تعتمد أساسا على التعاطف والتسامح واحترام الاختلاف. ولعل أفضل مثال على تناغم الدين والثقافة هنا يأتي من رواية "ألف ليلة وليلة" والتي رغم حكاياتها الخرافية إلا أنها تقدم صورة حسنة للمستوى المرغوب اجتماعيًا وكان لها تأثير دائم في الشرق الأوسط وآسيا وأوروبا أيضا.
يتطلب فهم الترابط الوثيق بين الفن والحفاظ على حقوق الإنسان دراسة معمقة للنصوص المقدسة والشروح التاريخية لها بالإضافة للاستفادة من نظريات علم الاجتماع المعاصر حول تأثير الأعمال الفنية على المجتمعات المختلفة. ومن خلال التركيز المشترك لهذا الربط يمكن للإنسانية جمعاء تحقيق توازن أكبر بين الإبداع الجمالي وضمان رفاهية جميع أفراد مجتمعاتها بما يناسب ديناميكيات بيئاتهم المحلية والعالمية. إن احترام الذات وتقدير مهارات البناء لدى الفنانين المسلمين منذ القدم يؤكد مجددا قدرتهم الكبيرة وإمكانياتهم الهائلة للتواصل العالمي إذا تم تشجيعها وتمكينها بطرق مناسبة تلبي احتياجات جيل اليوم بما يتوافق مع روح الماضي الأصيلة.