توضيح رؤية موسى لنار رب العالمين

في موقف تاريخي بارز، رأى سيدنا موسى نبي الله عليه السلام "ناراً"، والتي ورد وصفها لاحقاً بأنها مصدر البركة وفق الآيات القرآنية {نودي يا موسى إنه أنا أ

في موقف تاريخي بارز، رأى سيدنا موسى نبي الله عليه السلام "ناراً"، والتي ورد وصفها لاحقاً بأنها مصدر البركة وفق الآيات القرآنية {نودي يا موسى إنه أنا أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري} [طه:14] {فلما جاءها نادى صاحب النار}. ومعناه أجمعته تفاسير علماء دين المسلمين القدامى والمحدثين بأنه ظهور وتجلٍ لشدة جمال وجود الحق جلّ وعلى في صورة نورانية. وهذا ليس تناقضا مع عقيدتنا حول عدم تجسيم الذات الإلهية لأنه لا يقصد بذلك فصل جزء منها بل أنها مجاز يسميه أهل العلم بحجاب الرحمة أو المتكلم عنه وهو تأثير لطيف للنور الرباني. فقد نقل لنا المؤرخون الرواية التالية: عندما طلب موسى رؤيته مرآة الواقع حسب الظاهر ولكن جبريل أخبره حينئذ بما يفوق قدر البشر بالقول:" لن تراني". ثم دار الحدث التالي:( ولما تجلى ربّه للجبل جعل منه دكا وخروا مسجدين). هنا يمكن تخيل قوة التأثير الفائقة لحضور الكامل للسيد الخالق مما جعلهم يسقطون مغشي عليهم تماما كتعبير مجازي عن حالة الذبول والخوف أمام عظمتــــــه عز وجل! وفي حديث شريف آخر ثبت صحته لدى الامام مسلم وغيره يشرح الرسول الكريمﷺ طبيعة الحجب المحيطة بكبريائه قائلاً:" حاجبه نور..لو كشف عنه لأحرق كل ما وصل اليه من خلق الأرض". وبالتالي فالحديث يشير ضمنياً الى ارتباط مصطلحي "الحاجب" و"النور" بتصور مشترك يدل على غيبية مستترة تنبع من قداسة أسرار المطلق المجرد بينما تؤكد الأقوال الأخرى للإمامين معتزلة والثوري الاشتغال فقط بدلالاتها النوعية الدالة على الوصف والمعنى العام للنعم الربانية. إنها إذن نظرة روحانية عميقة عبر التاريخ تعكس جوهر التصوف الإسلامي وطريقته المستمرة منذ القدم لتوصيل رسائل سماوية عالية فوق حدود المنطق العقلي المشاهد.


الفقيه أبو محمد

17997 Blog bài viết

Bình luận