رغم ادعاء البعض بأن جميع الشخصيات الشهيرة التي ساهمت في الفتوحات الإسلامية كانت تنتمي إلى المذهب الأشعري، إلا أن هذه النظرية ليست دقيقة تاريخياً. تشمل الفتوحات الإسلامية المبكرة، مثل فتح فارس، الروم، الشام، مصر، أفريقيا، الأندلس، الهند والسند، فترات زمنية تعود إلى قرون قبل ولادة أبو الحسن الأشعري نفسه. لذلك، يمكن اعتبار معظم تلك الفتوحات مرتبطة بالسلفية أكثر منها بالأشاعرة.
بعد ظهور الأشعري في القرن الثالث الهجري، أصبح من الواضح أن مجموعة متنوعة من المسلمين شاركوا في الحملات العسكرية بغض النظر عن مدرستهم الفكرية. على سبيل المثال، شهد عصر صلاح الدين الأيوبي مشاركة علماء سلفيين بارزين مثل ابن قدامة والحافظ عبد الغني النيسابوري في الحرب ضد الفرنجة جنباً إلى جنب مع قائدهم الأشعري. كذلك فعل العالم الكبير ابن تيمية عندما قاتل التتار خلال حياته.
ويشير هؤلاء المؤرخون والفلاسفة الدينيون إلى أنه أثناء المواجهة الخارجية، تضحي الاختلافات العقائدية للشعب المسلم لصالح الوحدة الوطنية والدفاع المشترك عن الوطن. ويمكن رؤية مثال آخر لهذا الأمر في التعامل الرصين لأئمة الإسلام تجاه بعض الأشخاص الذين انتموا إلى مذاهب أخرى ولكن قاموا بعمل صالح وجهاد كبير. حتى وإن كانت هناك اعتقادات خاطئة لدى هؤلاء الأفراد، يبقى العمل الصالح والإخلاص نائبين جيدين لتلك الأعراض المدمرة المحتملة لبُعدها عن الطريق المستقيم.
وفي النهاية، المعيار الرئيسي لكيفية فهم واستيعاب عقيدة مسلمة صحية يكمن في مدى توافقها مع القرآن الكريم والسنة المطهرة وتعليمات الصحابة رضوان الله عليهم جميعاً وليس استناداً إلى أدوار الشخصيات البارزة في تاريخ الفتوح الإسلامية. وعلى الرغم مما حققه السلفيون المعاصرون أيضاً من انتصارات عظيمة في ميادين مختلفة بما يشابه ما قدمه الآخرون فيما سبق، تبقى المقارنة أحادية الجانب حيث يتم التركيز فقط على الانجازات الفعلية بدلاً من التحقق الكامل للعقيدة كما أمر بذلك الرسول ﷺ.