• صاحب المنشور: شوقي بن شقرون
  
  ملخص النقاش:
  تتطور وسائل الإعلام الرقمية بسرعة فائقة، مما أدى إلى ظهور مجال جديد ومؤثر للغاية يُطلق عليه "الدعاية الرقمية". هذا المصطلح يشمل كل أشكال التسويق والتواصل عبر الإنترنت - من الإعلانات المدفوعة إلى المحتوى الذي يحظى بترويج كبير على المنصات الاجتماعية. وفي الوقت الذي يوفر فيه هذه الأدوات فرصة فريدة للشركات والمنظمات للتفاعل مع جماهير عالمية بمستويات دقة غير مسبوقة, ينبغي لنا أن نتوقف للحظة لنقيم تأثيرها العميق والمختلف الأبعاد على مجتمعنا اليوم.

إن تزايد الاعتماد على الدعاية الرقمية له جوانب متعددة ذات مزايا وعيوب محتملة. تشمل الفوائد الرئيسية القدرة على استهداف الجمهور بصورة أكثر فعالية بناءً على اهتماماته الشخصية والسلوكية، كما تمكن الشركات الصغيرة والكبيرة على حد سواء الوصول إلى السوق العالمية بطريقة اقتصادية نسبيا. بالإضافة لذلك، توفر منصات التواصل الاجتماعي مساحات افتراضية للمشاركة والحوارات الجماعية حول قضايا مختلفة. ومع ذلك، فإن آثار هذا التحول ليست خالية تماما من المخاطر والنقد.

أبرز القضايا التي تستدعي الانتباه تتعلق بصحة المعلومات. تكشف عمليات البحث الأخيرة عن انتشار الأخبار الكاذبة والأكاذيب المقنعة عبر شبكة الانترنت الواسعة. يمكن استخدام الخوارزميات المعقدة لتعزيز نشر الرسائل الضارة أو المضللّة، وهو ما يساهم بشكل مباشر في تضليل الرأي العام وإضعاف الثقة المؤسسية والثقة العامة. علاوة على ذلك، هناك مخاوف بشأن الخصوصية وأمان البيانات الشخصية حيث قد يستغل المعلنون نقاط ضعف المستخدمين لحصد بياناتهم واستخدام تلك المعلومات لتحقيق الربح الخاص.

وعموماً، يتطلب فهم التأثيرات الكلية للدعائية الرقمية تحليلاً عميقاً ومتعدد التخصصات لأثارها الاقتصادية، الاجتماعية، السياسية وغيرها. إن التعامل المطلق لهذه التقنية كوسيلة مفيدة بلا حدود مغالطة؛ فالنقاش الحقيقي يكمن في كيفية تنظيم وصقل الأساليب التشغيلية لتكون مستدامة أخلاقياً وفعالة اجتماعياً. وبينما تحتضن العديد من الجهات الحكومية والشركات الخاصة ثورة تكنولوجيا الاتصالات الجديدة، يتمثل دور الأفراد والجماعات المؤثرة خارج نطاق البيزنس كافي في الدعوة لإصلاح البنية التحتية الرقمية وتعزيز شفافية العملية برمتها. بذلك، سوف نسعى نحو تحقيق توازن دقيق بين سرعة التقدم التكنولوجي والمعايير الإنسانية والقيم الاجتماعية الراسخة لدينا.