بالنسبة للسؤال المطروح حول سبب عدم ورود كلمة "قول" في جميع المواضع الردود الإلهية على الأسئلة النبوية، يمكننا تقديم التوضيح التالي بناءً على النصوص القرآنية وملاحظات المفسرين:
عادةً، يشجع القرآن الكريم النبي محمد صلى الله عليه وسلم على نقل رسالة الله باستخدام عبارة "قُل". إلا أنه وفي حالات معينة، يخالف هذا الاتجاه لأسباب مختلفة تتعلق بالسياق والتفسير.
على سبيل المثال، عندما يسأل المؤمنون عن ساعة القيامة ("الساعة") ويطلبون معرفتها بشكل عام، يستخدم الله هذه الفرصة للتأكيد على أهمية التقوى والفهم الحقيقي لهذه اللحظة المهمة عبر قوله: "يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا"، ولكن بدون استخدام "قول". بينما ينبّه البعض إلى وجود تعليمات ضمنية لاستخدام "قول"، يؤكد آخرون مثل الشيخ ابن عاشور أن الغرض هو التركيز على المسافة القصيرة بين الخالق والمخلوق أثناء عملية التعرف والدعاء، مما يعكس القرب المطلق للإجابة الإلهية.
وفي حالة الاستعلام عن مكان الله، حيث يقول الله تعالى: "وإذا سألواك عني فأني قريب أستجيب دعوة الداعي إذا دعاني"، هنا أيضاً يتم حذف "قول". وذلك حسب الدكتور أبو حيان هو لتجنب اللبس المحتمل بشأن الشخص الذي يجب مخاطبته بالإجابة. ومع ذلك، فإن معظم علماء الدين يعتبرون أن هذا التبسيط اللفظي يساعد بالفعل في إبراز الطبيعة الوثيقة للعلاقة بين الخالق والخليقة خلال لحظات التواصل الروحي.
بالإضافة لذلك، يرى العديد من الفقهاء، بما في ذلك الإمام ابن تيمية، أن عدم ظهور كلمة "قول" في ردود الله عند طلب المعلومات المتعلقة به شخصياً ليس مجرد بيروقراطية لغوية، ولكنه أيضًا طريقة لإظهار سلطة الرب وقربه الفوري والإلزامي لجميع البشر. إنه تحذير صريح ضد الوساطة البشرية أمام الذات الأعلى.
من ثم، رغم اختلاف التفسيرات قليلاً، فإن الوحدة المركزية للموضوع هي التأكيد المستمر على وحدانية الله وكيفية تواجد كل فرد دائمًا تحت عينيه ومنحه تدخلاً مباشراً عند الدعاء إليه مباشرة ودون وسطاء.
