- صاحب المنشور: كشاف الأخبار
ملخص النقاش:
يشهد العالم اليوم تغييرات جذرية تتسارع مع تطور التكنولوجيا وانتشار المعلومات. هذا الوضع يفرض تحديات جديدة أمام المجتمعات الإسلامية التي تسعى للحفاظ على هويّتها وقيمها بينما تستفيد أيضًا مما تقدمه العصرنة الحديثة. يشكل هذا التفاعل موضوعًا مثيرًا للنقاش حول كيفية تحقيق توازن متناغم بين الولاء للتراث والثراء بالمعارف الجديدة.
في العقيدة الإسلامية، تشدد الآيات القرآنية والأحاديث النبوية على أهمية الخلق والإبداع والتفكير. يقول الله تعالى: "وإنما أمروا أن يعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة" (الزمر: 11). هذه الآية تؤكد ضرورة الجمع بين الإخلاص لله وتطبيق تعاليمه الروحية والمادية، مما يشجع على الابتكار البناء الذي يخدم الإنسانية جمعاء.
بالمثل، يدعو النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى البحث العلمي والاستقصاء، حيث روى ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "طلب العلم فريضة على كل مسلم". بهذا المعنى، يعتبر الشغف المعرفي أحد مفاتيح نهضة الأمم ونهضتهم.
على الجانب الآخر، يتمسك المسلمون بتعاليم تحميهم من الانغماس المفرط في الحداثة بعيدا عن قيمهم الدينية الأصيلة. يؤكد الفقهاء والمحدثون بحزم ضد الاستلاب الثقافي والانهيار الأخلاقي الناجم عن تبني عادات غريبة لم تألفها البيئات المحافظة أو غير المتوافقة مع الشرع الإسلامي.
إحدى الطرق الفعالة لتعزيز التواصل بين القديم والجديد هو فهم طبيعة التقليد كـ "استمرارية" وليست جمودًا جامدًا. ينظر المؤرخ الأفغاني عبد الرحمن عزيز إلى التاريخ باعتباره رحلة مليئة بالتغيرات المستمرة والمتدرجة عبر الأجيال والأزمان المختلفة. لذلك، لا يتعارض احترام الماضي مع قبوله للأحداث الجارية بل يمكن اعتباره جزءا أساسيا منه.
بالإضافة لذلك، فإن دراسة علوم الشريعة ومبادئها توضح لنا كيف تطورت الفتوى لتلائم الظروف المختلفة عبر تاريخ المسلمين دون المساس بمبادئ التشريع الأساسية كالعدل والحكم الرشيد وحماية حقوق الأفراد والجماعات. شهد القرن الهجري الأول تطبيق أحكام الشريعة بواسطة الصحابة الكرام تحت ظل خلافة الراشدين ثم توسيع نطاق تلك الأحكام لاحقا أثناء مرحلة الدولة الأموية والدولة العباسية وغيرها الكثير حتى وقتنا الحالي.
وفي المقابل، قد يخشى البعض من اندثار الخصوصيات الثقافية والعادات الاجتماعية خلال عملية التنوير والتحديث إذا تم التعامل معهما بطريقة سطحية مبتذلة تعتبر تقليديّة بمثابة عقبات رئيسية نحو التحضر والرقي. لكن الواقع يقول أنه بإمكان مجتمع ما الاحتفاظ بهويته الخاصة وهو يستقبل أيضا تجارب ثقافيه أخرى بشرط ان تكون مؤثرة ايجابياً وان لاتتنافى مع ماهو مقدس لديها . فعلى سبيل المثال ، فقد استوعبت المدائن العربية القديمة العديد من التأثيرات الخارجية مثل الفارسية واليونانية والصينية واستمرت بالحفاظ علي هويتها الأصلية ولم تصبح نسخة طبق الاصل لما اخذته منهم فكانت بذلك نموذجاً يحتذى به حالياً عند محاولة اعادة بناء جسور التواصل بين الشرق والغرب وبين التقليدي والمعاصر واقعية وصموداً امام مختلف انواع الضغط الخارجي الداخلي الخارجي بكل قوة وثبات .
وبالتالي، فالتركيز الأكبر يكمنُ فيما إذا كان هدفَ الإنسان المسلم - سواء فرديًا أم مؤسساتيًا - استخدام وسائل عصرنةٍ لتحسين ظروف حياته وتحقيق طموحاته وطموحات شعبه ام انه يسعى لإقصائها لأجل إرضاء نزوات شخصية ضيقة المنظور غير مجدية نتائجها طويلة الامد والتي سوف تضعه حتما ضمن خانة المُنعزل المُغبِط للمكتسبات الحديثة بدون أي مردود يُذكر باستثناء ربما