في كتابه العزيز، يؤكد الله عز وجل بأن أهل النار لن يسمعوا: "لهم فيها زفير، وهم فيها لا يسمعون"، ولكن هناك أيضاً أدلة تشير إلى قدرتهم على الحديث والحوار. لحل هذا التناقض الظاهري، قدّم الفقهاء عدة تفسيرات:
الأولى هي أن هؤلاء الأشخاص كانوا قادرين على السماع قبل عزلهم داخل توابيت خاصة مليئة بالمواسير المحروقة، حيث أصبحوا بسبب العزلة الانفرادية غير قادرين على الاستماع. مثال على ذلك ما رواه ابن مسعود رضى الله عنه حول مصير الذين يبقى عذابهم دائمًا في النار.
التفسير الآخر يشرح أن "لا يسمعون" تعني حرفياً أنهم سيغيب عن مشاعرهم أي شيء يسعدهم، في ظل الألم المستمر والعذاب الذي يحيط بهم. هنا، رغم وجود القدرة على سماع الأصوات، إلا إنها سوف تصبح محض ألم وتأزم بالنسبة لهم.
ومن التفسيرات أيضًا أن العمى و فقدان الصوت والصمم جزء من عقوبات يوم القيامة المبدئية، وهي حالة مؤقتة تزول لاحقا. فللبشر رؤية وسماع وطاقة للتحدث حتى لو كانت تلك الرؤية مرتبطة بالنيران والأصوات هي أصوات التعذيب، وهو ما أكده القرآن نفسه عندما ذكر رؤيتهم وإمكانية تحدثهم تحت ظروف مختلفة.
وفي وجه آخر من التأويل، فإن منع التواصل -البكمان والصمت- يكون سببه اليأس المطلق، حيث يصبح المرء بلا كلام ولا جدوى منه عند مواجهة العقوبة اللازمة لما قام به من سوء أعمال وثبات عليه في عصيان أمر الرب جل وعلا.
وبهذه الطريقة المتنوعة لإمعان التفكير الديني والتفاصيل اللغوية الدقيقة لهذا النص المقدس, يتمكن علماء الدين المسلمين من تسليط الضوء بشكل كامل ودقيق على طبيعة الحياة بعد الموت بناءً على الوحي الإلهي.