- صاحب المنشور: طلال الحسني
ملخص النقاش:في ظل التنوع الثقافي والاجتماعي الذي يعيشه المجتمع الحديث، يبرز نقاش حيوي حول العلاقة بين الإسلام ومفهوم المواطنة. يُعتبر الإسلام دينًا كاملًا يشمل جوانب الحياة كافة بما فيها الحقوق والحريات الأساسية للمسلمين كجزء من أي مجتمع يعيشونه. هذه الورقة ستستكشف عددا من الجوانب الرئيسية لهذا الموضوع، وستبين كيف يمكن لمبادئ الإسلام تأكيد وتعزيز قيم العدالة الاجتماعية والمساواة والكرامة الإنسانية التي هي أساس المواطنة في العديد من الدول الحديثة.
**1. فهم المواطنة في ضوء الإسلام**
تُعرف المواطنة عادة بأنها حالة الإقامة المشروطة لدى فرد أو جماعة ضمن حدود سيادة دولة معينة. لكن فكرًا دقيقًا يقودنا لأن ندرك أنها أكثر تعقيدا وأعمق مما قد يبدو لكثيرين. بالنسبة لمسلم، فإن المواطنة تتخطى مجرد الاحتفاظ بالوثائق القانونية؛ بل إنها تتعلق بممارسة المسؤوليات والأدوار وفق القوانين المحلية بينما تحافظ أيضًا على الولاء والإخلاص لدينه وتقاليده الخاصة به حسب الشرع الإسلامي. هذا يعني أنه رغم الانخراط الكامل في الشؤون الوطنية كمواطن صالح، يحترم ويطبق التعاليم الإسلامية المتعلقة بالأفعال اليومية مثل الصدق وعدم الغش واحترام ملكية الآخرين وغير ذلك من الأخلاق الحميدة المنصوص عليها في الكتاب والسنة.
**2. دور المواطنة في تطبيق التشريعات الإسلامية**
من المهم التأكد هنا أنه حتى لو كان نظام الحكم غير إسلامي، فإن المواطنة تسمح للفرد بتطبيق بعض أحكام الشريعة بطريقة غير مباشرة ولكن مهمة للغاية. فعلى سبيل المثال، إذا كانت الدولة توفر قوانين لحماية الملكية الشخصية أو حظر السرقة ولم تكن تلك المقاصد مدعومة بإجماع عام داخل المجتمع نفسه، فإن وجود قانون مشابه موجود بالفعل في الإسلام يوفر بيئة مناسبة لتطبيق الأحكام المستمدة منه. كذلك الحال فيما يتعلق بقضايا المرأة وحمايتها حيث تضمن لها الشريعة حق التعليم والمشاركة السياسية وغيرها الكثير مما أصبح مقبولاً الآن تحت مظلة "حقوق الإنسان".
**3. مسؤوليات المسلمين تجاه وطنهم**
ليس هناك شكٌّ أنّ الشعائر الدينية فريضة إلزامية لكل مسلم بغض النظر عمّا إن كانوا مواطنين أم نزلاء زائلين لأرضٍ أخرى خارج أرض الوطن الأصلي لهم. إلا أن كون الشخص مسلماً يعيش داخل بلد معين لا يلغي عنه واجب تقديم خيريته وطيبته وخيره لغير المؤمنين ممن يسكن معه بنفس المدينة بحسب ما جاء في الآية القرآنية: "
**الخاتمة**
إن الجمع الفعال بين الانتماء الروحي والديني وبين الالتزام الوطني هو المفتاح لتحقيق تكافؤ اجتماعي حر وشامل. من خلال الاعتراف والتأكيد على المساهمة التاريخية للإسلام وعظمتها عبر التاريخ بما في ذلك السياقات المعاصرة أيضاً، يستطيع العالم احترام تراث المسلمين وتمكينهم سياسيا واقتصاديا وفكريا كي يتمكنوا بدورهم من خدمة الإنسانية جمعاء بكل جد وإتقان، وذلك انطلاقا من قول رسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم: «لكل عمل شرفتكم به عليكم»، مما يؤشر لفكرة تواجد رابط وثيق بين أدائهما لعهديهما أمامه سبحانه وفي الدنيا أيضا أمام البشر جميعا!