- صاحب المنشور: هالة بن عثمان
ملخص النقاش:
تُعدّ اللغة البرمجية أو لغات الكمبيوتر أدوات تُمكِن الأفراد والمجتمعات من تصميم وتطوير البرامج والأنظمة الحاسوبية. هذا الموضوع يثير تساؤلات حول حكم استخدامها وفقًا للشريعة الإسلامية. في جوهر الأمر، تبرز القضية الرئيسية فيما إذا كانت هذه اللغات نفسها محرمة أم أنها مجرد وسائل يمكن استغلالها لأغراض مشروعة وغير مشروعة.
في الفقه الإسلامي، يتم تحديد الأحكام بناءً على المقاصد والأهداف التي يستخدم بها الشيء، وليس على طبيعة الشيء ذاته. لذلك، فإن حكم استخدام اللغة البرمجية يتعلق بكيفية تطبيقها وإنتاجيتها. إذا تم استخدام البرمجة لإنجاز أعمال مفيدة ومباحة شرعاً مثل تطوير التطبيقات الصحية، التعليمية، أو الاجتماعية المفيدة للمجتمع، فهي جائزة ومن المستحسن حتى تشجع عليها الشريعة كوسيلة لتحقيق الخير والتنمية. ومع ذلك، إذا تم توظيف نفس الأدوات لغرض غير مشروع كالبرمجة لموقع يدعم المحتوى المحرم دينياً، فإنه يحظر أيضاً واستخدام تلك الوسائل لهذا الغرض يعتبر حرام كذلك.
على سبيل المثال، يُذكر القرآن الكريم: "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ" (سورة الذاريات، الآية ١٣). تبين هذه الآية الكريمة هدف الخلق الأساسي وهو العبادة لله سبحانه وتعالى. وبالتالي، عندما نستخدم تكنولوجيا الحديثة بما فيها برمجة الكمبيوتر بغرض تحقيق الأهداف الإلهية، فنحن نساهم بطريقة مباشرة وغير مباشرة بتطبيق تعاليم الدين الإسلامي.
بالإضافة إلى ذلك، يشدد الفقهاء المسلمون الحديثون على أهمية استخدام المعرفة العلمانية بما فيها علوم الرياضيات وعلوم الحاسبات بغاية التقنين والتطور بشرط عدم مخالفة الضوابط الأخلاقية والدينية. فالهدف النهائي هو خدمة الإنسانية وفق قيم وأخلاقيات إسلامية راسخة يعترف بها الجميع داخل المجتمع الإسلامي وخارجه.
لذا، يمكن الاستنتاج بأن حكم استخدام اللغة البرمجية ليس مطلقاً بل هو متعلق بنية المستخدم وغايته منه؛ سواء كانت تلك النوايا حسنة تتوافق مع أحكام الدين أم سيئة تخالف مقاصده العامة. وعليه، ينصح كل مسلم قبل الانغماس بأعمال مرتبطة بالتقنية بتقييم نواياه وحدوده الدينية للتأكد بأنه يسهم بشكل ايجابي ويحقق مصالح المسلمين حالياً وفي المستقبل بإذن الله تعالى.