- صاحب المنشور: رستم العروي
ملخص النقاش:
تُشكّل العلاقة بين الدين والتقنية مساحة واسعة ومليئة بالتناقضات؛ فهي تجمع بين القيم والمبادئ الدينية الراسخة والابتكارات التكنولوجية المتطورة باستمرار. هذا الموضوع يثير نقاشاً عميقاً حول كيفية دمج هذه الركائز الأساسية مع الحفاظ على هويتهم الفريدة وأهميتهم اليوم.
من جانب، يشكل الإسلام رؤية واضحة ومحدّدة بشأن استخدام العلم والمعرفة. يُشجع المسلمون منذ زمن بعيد على البحث والاستفسار والسعي نحو المعرفة. قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: "طلب العلم فريضة على كل مسلم". هذا التشجيع واضح تمامًا عندما ننظر إلى التاريخ الإسلامي المبكر حيث برع علماء مثل الخوارزمي وابن سينا وابن الهيثم وغيرهم في مختلف مجالات العلوم بما في ذلك الرياضيات والفلك والطب وغيرها الكثير.
ومع ذلك، فإن استمرارية التقارب بين الدين والتقنية تتضمن تحديات كبيرة جدًا. أحد أكبر المخاوف هي تأثير وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات الهاتف الذكي الحديثة التي يمكن أن تؤثر بالسلب أو الإيجاب حسب الاستخدام. يتعين علينا التأكد من عدم تحويل هذه الأدوات إلى مصدر للفتنة والإثارة بدلاً من كونها أدوات لتقوية الروابط المجتمعية والدعم للأعمال الخيرية وتعزيز التعليم الديني.
كما أنه يوجد أيضًا قضايا أخلاقية مرتبطة بتطوير وصناعة بعض المنتجات التكنولوجية كتكنولوجيا الجيل الجديد من الذكاء الاصطناعي والتي تمثل تهديدًا محتملًا لوظائف البشر بسبب قدراتها الكبيرة مما يؤدي لعدم توازن اقتصاديًا واجتماعيًا. بالإضافة لذلك، هناك مخاوف حقيقية بأن تزيد نسبة الانفراد والعزلة الاجتماعية نتيجة الاعتماد الزائد على الأجهزة الرقمية والشخصيات الافتراضية داخل عالم الإنترنت مقارنة بالتعامل الإنساني الحقيقي وجهًا لوجه.
للتغلب على هذه العقبات وضمان وجود ديناميكية صحية ومستدامة للعلاقات الثنائية بين الثقافة الإسلامية والثورات التكنولوجية الجديدة، ينبغي دراسة تطبيق ضوابط وآليات تنظيمية تضمن استخدام تلك المستجدات بطريقة تعزز الأخلاق والقيم المشتركة لديننا العزيز والحفاظ عليها بلا انحراف طالما يتم اتباع الضوابط الشرعية المناسبة أثناء عملية التصميم واستخدام منتجات تكنولوجية جديدة متنوعة الشكل والغرض المختلفة كـ": metaverse" مثلا! إن فهم وتحليل طبيعتها الأساسية أمر حيوي لحماية حقوق الإنسان الخاصة بنا وكذلك تقرير مصائر مستقبل وطننا العربي الكبير بإذن الله عز وجل.