- صاحب المنشور: فايزة القروي
ملخص النقاش:
لقد أحدثت ثورة المعلومات والاتصالات، والمعروفة باسم عصر التكنولوجيا الرقمية، تحولا جذريا في المجتمع البشري. وقد ابرز هذا العصر تحديا كبيرا للدول والشعوب: كيف يمكن لهذه التطورات التقنية الفائقة ان تساهم في تعزيز ديموقراطيتنا ام انها تهددها؟ تعد هذه القضية حاسمة خاصة بالنسبة لدول العالم الثالث التي تمر بمرحلة الانتقال نحو الحكم الديموقراطي المستقر.
في الماضي، كانت الوسائل الاعلامية الرئيسية كالاخبار الاذاعيه والتلفزيونية هي المصدر الاساسي للمعلومات السياسية للمواطنين. لكن اليوم، توفر شبكة الانترنت مجموعة واسعة ومتنوعة وغير مقيدة من المواقع الاخبارية والمحتويات المختلفة عبر مختلف المنصات الرقمية مثل وسائل التواصل الاجتماعي. وهذه القدرة الجديدة للوصول الى كم هائل من المعارف بوسائل مختلفة تثير عدة اشكالات حول مدى قدرتها على دعم المسارات التحول الديمقراطي وتثبيت الاستقرار السياسي داخل الدول الناشئة والدفاع عنه ضد التدخل الاجنبي واستغلال بعض الجماعات المسلحة لها للتحريض على الفتنة والاضطراب الداخلي، بينما قد تعتبر أيضا فرصة ذهبية للتواصل الحر والسلمي بين المواطنين لتعزيز دورهم التشاركي والحاسم لبناء مجتمع مدني حيوي ومستدام متسامح وقادر على مواجهة المصاعب والقضاء عليها بتكاتف جهوده وجهود مؤسسات الدولة الوطنية لتحقيق الرفاه العام لكل ابنائها شعب واحد موحد خلف قيادة رشيدة تتمسك بمبادئه الثابتة ويتوحد تحت رايتها الجميع بكل طوائفه وانقساماته القديمة.
إن الديناميكيات المتغيرة للعلاقات الدولية وعوامل غير تقليدية أخرى باتت تمارس ضغطًا كبيرًا على المؤسسات الحكومية التقليدية وأنظمتها السياسية نتيجة لتغيرات فكرية اجتماعية مستمرة تؤثر بلا شك على جمهور ناخبي تلك البلدان مما يجعل أمر فهم طبيعتها الحقيقية وإمكاناتها وكيف تشكل رؤى الناس بشأن الحقوق المدنية والمشاركة الاجتماعية أمور فوق ضروروية لإعداد تصورا علميًا موضوعيًا عميق شامل لفكرة الديموقراطية وفق خصوصيات كل بلد عربي تدفع به إلى الأمام ولا تبقى عائقاً يحول دون تقدم شعوبه وطموحاتها المشروعة ضمن بوتقة وطن واحدة جامعة تجمع أبناء الوطن الواحد تحت مظلتها بدون تفريق فعلى الرغم من كون نظام الحكم مسألة جذرية تتعلق بكافة جوانب الحياة العامة إلا أنها أيضاً ليست جامدة بل قابلة للتكيف والتطور شرط وجود حرص صادق لدى كافة الأطراف المعنية وتحمل مسؤولياتهم تجاه تحقيق مصالح شعوبهم بعيدا عن أي نزاعات ذات نفع شخصي خاص قصير المدى أو محاولة فرض أجندات خارجية مهما بلغت درجة تأثيرها فقد شهد التاريخ الحديث العديد من التجارب المثالية والنضالية للشعوب العربية والإسلامية والتي نجحت جميعا بإرادة الله عز وجل ثم بشجاعة أهلها وبعد نظر قادتهم السياسيين المؤمنين بقضايا امتهم وبقدرتهم الذاتية الكاملة لوحدانية قرارهم الوطني الموحد الذي سيحققه حتما عندما يتخلص منها عبء الاحتلال والأجنبي ويوقف هرطقة التدخلات الخارجية ويعزز بناء دولة القانون والمؤسسات الحديثة القائمة أساسا على دعائم العدالة الاجتماعية وتمكين الإنسان العربي الأصيل بغض النظرعن خلفياتهم الثقافية والفكرية