- صاحب المنشور: ولاء التازي
ملخص النقاش:
على مر التاريخ، كان هناك نقاش مستمر حول العلاقة بين الدين والعلوم. هل هما متنافيان أم أنهما مكملان لبعضهما البعض؟ هذا الموضوع معقد ومتعدد الأوجه، ويستدعي النظر في التعريفات الأساسية لكل منهما وكيف يمكن للناس رؤية تناغمهم أو تعارضهم وفقًا لمختلف الثقافات والتقاليد الدينية والفلسفية.
تعرف كلمة "دين" عادة على مجموعة من المعتقدات والأفكار والأفعال المرتبطة بالمعتقد الروحي للمجتمع أو الفرد. تركز هذه الممارسات غالباً على الإيمان بقوة أعلى - سواء كانت الله، الآلهة المتعددة، القوى الطبيعية، أو شيء آخر تماماً. أما العلم فهو نهج منظّم يستخدم التجربة والنظرية لفهم العالم الطبيعي. يقوم العلم بالتفسير المنطقي للقوانين الطبيعية التي تحكم الكون بناءً على الأدلة والبراهين.
غالبًا ما يرى بعض الناس تعارضا كبيراً بين هذين المجالين. قد ينظر العلماء إلى الدين باعتباره مجالا ذاتيا وغير قابل للتحقق تجريبياً وبالتالي غير ذي صلة بعالم الواقع كما يفهمه العلم. وقد يرون فيه تفسيره للأحداث غير علمية، مما يعني أنها تخالف المعرفة المكتسبة عبر الطرق العلمية. ومن ناحية أخرى، قد يرى المؤمنون بأن الدراسة العلمية قد تحد من فهمهم الروحي والعقائدي للكون بسبب عدم قدرتها على إدراك الجوانب الوجودية والخلقية للحقيقة.
لكن دعونا ننظر أيضا إلى الجانب الآخر من الصورة – حيث يوجد توافق وتكامل أكثر أهمية. الكثير من الحضارات القديمة والثقافات الحديثة وجدت طرقا لتجميع الدين والعلوم بطريقة تكاملية وليس تنافسية. مثلاً، القرآن الكريم نفسه يشجع البحث والاستقصاء في قوله تعالى "
كما يُظهر تاريخ الغرب أيضًا العديد من الأمثلة المشابهة؛ فقد أثرت فلسفة أفلاطون وأرسطو بشكل كبير في النهضة العلمية الأوروبية خلال القرن الرابع عشر والقرن الخامس عشر الميلادي. حتى اليوم، هناك حركة ناشئة تُعرف بـ "العلم والدين"، والتي تسعى لإظهار كيف يدعم كل مجال الآخر ويتوافق معه ضمن حدود اختصاصاته الخاصة.
وبالتالي، فإن العلاقة بين الدين والعلوم ليست قضائية بل هي موضوع بحث دائم ومفتوحة للتفسير حسب السياقات المختلفة والمعتقدات الشخصية. إنها رحلة مستمرة نحو فهم أفضل لكيفية عمل الكون واستكشاف ماهيتنا البشرية في ضوء كلتا الرؤيتين - واحدة روحية وأخرى مادية – بدون ضرورة وجود تضارب حتمي بينهما طالما يتم احترام الحدود بين الاثنين واحترام الاختلافات الموجودة داخلها وخارجها.