• صاحب المنشور: غفران الزناتي
  
  ملخص النقاش:
  تواجه تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي تطوراً هائلاً ولكنها تواجه أيضاً مجموعة معقدة ومقلقة من التحديات الأخلاقية. تعد هذه التكنولوجيا تأثيرات عميقة على المجتمع وعلى حياة الناس اليومية؛ حيث تشمل استخدامها في القرارات الطبية الحاسمة, العمليات العسكرية, والمجالات المالية بالإضافة إلى التأثير المحتمل على فرص العمل البشرية وتوزيع الثروة. ومن بين القضايا الأكثر حساسية التي تثار هنا هي العدالة والإنصاف عند تطبيق نماذج التعلم الآلي والتي يمكن التحيز بناء عليها بطرق غير متعمدة أو حتى متعمدة بسبب البيانات المستخدمة للتدريب.

أحد أهم جوانب النقاش يتمثل فيما يعرف بـ "البيانات الضمنية" - وهي الافتراضات الخفية والثقافية الموجودة ضمن corpora التدريبي الخاص بنماذج الذكاء الاصطناعي. قد تعكس هذه البيانات الضمنية الأعراف الاجتماعية القديمة مثل الصور النمطية الجندرية, العنصرية, الطبقية وغيرها مما يعيد إنتاج أشكال الاستغلال والاستبعاد في عالم رقمي يفترض أنه خالي منها تقليديا. هذا الأمر ليس مجرد قضية أخلاقية بحتة بل له آثار عملية حقيقية تؤثر مباشرة على الأشخاص الذين يستعملون الخدمات والأجهزة المدعومة بالذكاء الاصطناعي.

يجب أيضًا النظر بعين الاعتبار للأثر الاقتصادي للذكاء الاصطناعي ودور الحكومات والشركات المسؤولة فيه. فكما يجلب الذكاء الاصطناعي تغييرا جذريا في بعض الصناعات ويولد وظائف جديدة, فهو أيضا يقضي على أخرى. وهذا يتطلب سياسات واضحة ومتعددة الأوجه تدعم إعادة التدريب المهني للموظفين المتضررين وتعزز الشفافية حول مدى انخراط الروبوتات في عمليات صنع القرار داخل مختلف المؤسسات.

بالإضافة لذلك، هناك اعتبار آخر وهو متعلقا بسيادة الدولة واستقلاليتها في عصر العالمية الرقمية. كيف ستتعامل الدول مع ملكية بياناتها وكيف سيستخدم ذكاؤها الاصطناعي لمعالجة قضايا الأمن القومي؟ هل سيكون هناك اتفاق دولي جديد بشأن تنظيم وإشراف الذكاء الاصطناعي يحترم جميع الثقافات والقيم المختلفة لكل دولة عضو؟

ختاماً، يبدو واضحًا أن فهم واحتواء المخاطر الناجمة عن عدم مراعاة الجانب الأخلاكي والتوزيع الإنصافي لتقدم تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي أمر ضروري للغاية للحفاظ على مجتمع عادل وشامل وخاضع للإرشادات الإنسانية الأساسية. إنها دعوة للاستثمار المشترك لكافة القطاعات المعنية – سواء أكانت أكاديميون أم رجال أعمال أم ساسة – للتوصل لحلول مبتكرة وقابلة للتطبيق تستجيب لهذه الدعوات الملحة بإلحاح شديد قبل تفاقم الوضع الحالي الذي أصبح يشكل تهديدا وجودياً لمفهوم "الإنسان".