- صاحب المنشور: مها التازي
ملخص النقاش:
في جوهرها، تعتبر كلٌّ من الديانتين الإسلامية والمسيحية من الأديان التوحيدية التي تؤمن بإله واحد وتشدد على أهمية الأخلاق والقيم الإنسانية. ومع ذلك، هناك الكثير من نقاط الاختلاف والتقارب الجديرة بالذكر والتي تشكل أساس العلاقة المتشابكة بينهما. يبدأ هذا الالتقاء والتباعد مع الإيمان الأساسي بوجود الله: بينما يؤكد المسلمون على وحدانية الله (توحيد) كما ذكر في القرآن الكريم حيث يقول "هو الله أحد" (سورة الإخلاص)، يشاطر المسيحيون إيماناً مماثلاً لكنهم يؤمنون بثالوث تجسدت فيه مشيئة الرب الكاملة - الآب والإبن والروح القدس.
تلتقي هذه العقيدة الموحدة عند التأكيد على ضرورة الخلاص الروحي والصلاح الشخصي. فالإسلام يدعو إلى العمل الصالح والاستقامة كمُؤشرات للحياة الطيبة المؤدية للجنة بعد الموت، بينما تُعتبر أعمال الرحمة والخيريّة جزءًا حيويًا من الحياة الدينية للمسيحي أيضًا. ولكن اختلافات مهمة أخرى تتجلَّى في دور النبي محمد صلى الله عليه وسلم الذي يُنظر إليه كآخر الأنبياء حسب اعتقاد المسلمين مقابل اعتقاد المسيحية بيسوع كابن لله ومخلص البشرية الذي مات ثم قام من الأموات.
كما نجد تقارب فيما يتعلق بالحوار الديني واحترام الآخر؛ فالقرآن الكريم يحض على الحوار البناء ويحث على عدم التحريض ضد الذين لم يؤمنوا: "
ومع ذلك، فإن هذه التشابهات تخفي خلفها مجموعة متنوعة من الخلافات العميقة الجذور. فهي تغطي جوانب مختلفة مثل العقائد الأساسية والمعتقدات المستقبلية والمعايير الأخلاقية. فعلى سبيل المثال، يؤمن المسلمون بأن جميع الأنبياء وليس يسوع فقط هم رسل الله للبشرية بينما يؤمن المسيحيون بتجسُّـدِ ابنِ الله الوحيد لخلاص جنس الإنسان جمعاء حسب الفداء غير المكتسب ذاته عبر موته على الصليب وتمرده لاحقا ليقوم من جديد.
وبالتالي، يمكن اعتبار العلاقة بين الإسلام والمسيحية واحدة مليئة بالمناقضات المتداخلة أكثر منها علاقة توافق وترابط مطلق. إنها رحلة ذات اتجاهين نحو فهم أفضل ومتبادل رغم وجود مساحة كبيرة للاختلاف والحوار المفتوح البناء والذي يهدف لإزالة سوء الفهم وتعزيز الاحترام الثقافي والديني المشترك.