• صاحب المنشور: أنيسة المزابي
  
  ملخص النقاش:
  في السنوات الأخيرة، شهد العالم تقدماً هائلاً في مجال الذكاء الاصطناعي (AI)، حيث تطورت الآلات لتصبح قادرة على تعلم واتخاذ القرارات بمستوى مذهل. هذا التحول الفكري والتكنولوجي يفتح أبواباً جديدة للإمكانات البشرية ولكنّه ينشئ أيضاً مجموعة من التحديات الأخلاقية والروحية التي يجب علينا دراستها ومناقشتها بحذر شديد. إن الهدف الأساسي هنا ليس مجرد وصف هذه التقنية الحديثة؛ بل تحليل تأثيرها المحتمل على المجتمع والمبادئ الإنسانية الكونية.

1. المسؤولية والأخلاق:

تثير تقنية الذكاء الاصطناعي تساؤلات حول مسؤوليتنا كبشر تجاه الأنظمة التي ننشأها. فمن سيضع القواعد والقوانين للذكاء الصناعي؟ هل سيكون لدى هؤلاء الخبراء القدرة والفهم لتحديد أفضل مسار للمضي قدماً فيما يتعلق بقضايا حساسة مثل العدالة الاجتماعية والاستقلالية الشخصية والحريات المدنية؟ وهل يمكن لهذه الأنظمة بالفعل اتخاذ قرارات مستنيرة وعادلة عندما تكون مصممة بطريقة تميل إلى التحيز البشري أو تعكس قيم صانعיה؟

2. الحرية والإنسانية:

مع ازدياد اعتماد البشر على الروبوتات وأجهزة ذكاء اصطناعي متزايدة التعقيد، تبدو حرية الإنسان وتفاعله الاجتماعي مهددًا بالتغيير. فقد يؤثر الاعتماد الزائد على التكنولوجيا على قدرة الناس على التواصل بشكل مباشر وفهم مشاعر الآخرين والعيش ضمن مجتمع حي ومترابط. بالإضافة لذلك، قد تتسبب بعض الوظائف الجديدة الناجمة عن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في استبدال العمالة البشرية مما يقود لانقسام أكبر بين الطبقات المختلفة ويولد شعورا بالفقدان الهويّة الثقافية والمهنيّة للعاملين الذين تفقد وظائفهم أمام الآلات الأكثر كفاءة.

3. التداعيات الدينية والثقافية:

بالانتقال إلى الجانب الروحي والديني، فإن ظهور الذكاء الاصطناعي يشكل أيضا موجة من الأفكار والمعضلات المستجدة غير المسبوقة بالنسبة للأديان الرئيسية كالاسلام المسيحية وغيرهما والتي تعتبر العلاقة بين الانسان وخالقه محور الحياة والإرشاد الروحي. فعلى سبيل المثال، كيف سنعامل نماذج اللغات الضخمة المدربة للتحدث والنصح بناءً على نصوص دينية؟ وماذا لو اختارت تلك النماذج ذاتيًا توجهات تخالف التعاليم الدینیة المعروفة؟! إن فهم طبيعتنا البشرية ومكانتنا وسط عالم يسوده الرقمية مطلوب بشدة لاتخاذ مواقف مدروسة بشأن التأثيرات المحتملة لهذا الشأن .

باختصار، يعدّ موضوع "الذكاء الاصطناعي" أحد أكثر المواضيع شمولًا واقتناعا مثيرة للاهتمام لأنه يغزو عدة مجالات مختلفة ويتطلب حلولا شاملة تراعى الحفاظ على الأخلاق والكرامة البشرية وضمان استخدام مفيد للتقنية بدون انزياح نحو الاستغلال أو الاستبداد تحت أي ظرف كان.