- صاحب المنشور: لمياء بن عبد المالك
ملخص النقاش:
تتناول هذه المقالة موضوعًا يُغذي بحوثًا متعددة الأوجه، وهو تفاعل الدين والعلوم حيث يتم النظر إلى كليهما ليس كأضداد بل كمكمّلات. قد يظن البعض أنه يوجد تعارض بين الإيمان والعلم بسبب بعض المواقف التاريخية أو سوء الفهم للتعاليم الدينية؛ ولكن الحقيقة هي العكس تماماً. إن فهم طبيعة هذا الترابط يمكن أن يساهم في تطوير مجتمع أكثر شمولاً وتفهماً.
في العديد من المجتمعات الإسلامية، تعتبر طلب العلم من الأمور الأساسية التي حث عليها الإسلام منذ بداياته الأولى. لقد كانت الأعمال المبكرة مثل كتاب "الفهرست" لمحمد بن جَعْفَر الطوسي دليلًا على الاهتمام الذي كان يوليه المسلمون الأصليون لجميع أنواع المعرفة، بما في ذلك علوم الفلك والرياضيات وعلم الأحياء وغيرها الكثير. حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم قال: "طلب العلم فريضة". وهذا يدل على مدى تقديس طلب المعرفة في الثقافة الإسلامية.
مع ذلك، عبر التاريخ، حدثت فترات تحديث وانقطاع فيما يتعلق بهذا التعاون المثالي للدين والعلوم. وخلال عصر النهضة الأوروبية وما بعدها، ربما لوحظ وجود انقسام لدى المسلمين بين الجوانب الكلاسيكية للمعرفة والدين والجوانب الحديثة للعلم والتكنولوجيا. لكن وجهة نظرنا اليوم تتغير تدريجيًا نحو إعادة الاتصال والحوار البناء.
ولهذا السبب، فإن دراسة كيفية اندماج الدين مع العلوم تعد خيطًا حيويًا لتطوير نهج شامل وفريد لفهم واقعنا الحالي ومستقبلنا القريب. فبدلاً من التركيز فقط على تقدم التكنولوجيا المتسارِع والذي غالبًا ما يؤدي إلى فقدان الروابط الإنسانية والأخلاقية، نحن بحاجة لأن ننظر كيف يمكن للإرشاد الروحي والقيم الأخلاقية التأثير ايجابيًا على مجالات البحث العلمي الحديث وإنتاج تقنية تستند إلى افتراضات أخلاقية راسخة.
يتعين علينا تحليل نماذج مختلفة للتدريس والممارسات التعليمية الموجودة بالفعل والتي تجمع بين المواد العلمية والتربية الدينية بشكل فعال. كما ينبغي لنا استكشاف التجارب الناجحة عالمياً لكيفية استخدام الشرائع الدينية كأساس للاختراع والإبتكار. فعلى سبيل المثال، يشجع القرآن الكريم على الاستقصاء والاستكشاف والاستمتاع بتنوع الخلق الطبيعي ("إِنَّ فِي خَلْقِ السموات وَالأرض وَاختلاف الليل وَالنّهار لَآياتٍ لأولي الألباب") [١]. لذلك، عندما نتحدث عن العلاقة بين الدين والعلوم، يجب ألّا نفكر بالأمر بصفته تنافسا بينهما ولكنه تبادل ثري يقوم فيه كل طرف بإثراء الآخر.
وفي النهاية، هدفتُ هكذا كتابة مقالة توضح أهمية الاحتفال بالتراث المشترك واستشراف المستقبل بروحية تراعى جميع جوانب الحياة البشرية - تلك التي تجمع بين القداسة والسعي الذاتي للأفضل دائما. وفي حين أنه لا يحمل الحل الصحيح لكل مشاكل العلم والدين